«هآرتس» ــ الافتتاحية
تهدف التظاهرة التي بادر اليها (الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصر الله في بيروت، الى إسقاط حكومة فؤاد السنيورة المنتخبة، وإقامة حكومة جديدة. ويقف قرار حكومة السنيورة في الموافقة على تأليف المحكمة الدولية لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال (الرئيس رفيق) الحريري، سبباً مباشراً للتظاهرة. إن الخوف لدى معارضي المحكمة الدولية، في كل من سوريا ولبنان، ان تجرّم سياسيين وقياديين تجدهم مذنبين، وبالتالي لا تكون المحكمة مجرد محكمة دولية، بل أداة سياسية يمكنها إحداث انقلاب سياسيالا أن الجدل حول المحكمة، ليس سوى مبرر لسياسي مثل حسن نصر الله، إنه وسيلة تستهدف افراغ القرار 1701 من معظم بنوده الاساسية ومنع امكان نزع سلاح حزب الله، وعلى المدى البعيد، إعداد بنية سياسية جديدة في لبنان، يكون بمقدور نصر الله أن يعيد، من خلالها، تنظيم صفوفه وأهدافه من جديد. وبالنسبة له، هناك امكانات مفهومة لفعل ذلك.
تعاني الطائفة الشيعية في لبنان، وهي الطائفة الاكبر عددياً، تمثيلاً ضئيلاً في مؤسسات الدولة وضائقة اقتصادية؛ فإهمال الجنوب والبقاع على مدار سنوات طويلة، يمكنه أن يتسبب في أن تدفع الحكومة اللبنانية ثمنه السياسي داخلياً. العمل يجري الآن من دون عنف ضد حكومة ينظر اليها المتظاهرون على انها غير قانونية وفاسدة وغير مستقرة، ومن شأن ذلك ان ينتهي بتأليف حكومة موالية لسوريا وتحت تأثير من حسن نصر الله ومؤيديه، بمن فيهم ميشال عون المسيحي.
يقلق اللبنانيين إمكان انفجار الاوضاع السياسية في لبنان، فهم لا يزالون يذكرون المأساة التي عاشوها خلال الحرب الاهلية، رغم ان نصر الله اوضح أنه لا ينوي الوصول الى حرب، وكذلك خصومه وأعضاء الحكومة أمروا مؤيديهم بعدم مواجهة المتظاهرين. لكن لا يمكن تجاهل إمكان حدوث مواجهة بين الطرفين. وهو تهديد يعني دولاً مجاورة مثل اسرائيل. إن الصدامات العنيفة سهلة جداً على منظمات الإرهاب كي تعمل بحرية، وهي أيضاً مادة تبريرية يمكن ان تتزودها سوريا للتدخل في لبنان بصورة غير مباشرة.
الوضع في لبنان يوجب على المجتمع الدولي، الذي سارع الى المساعدة في تنفيذ القرار 1559 والقرار 1701، ألّا يبقى ساكناً وينظر الى الإنجازات التي تحققت في لبنان تذهب سدى. فحكومة السنيورة بحاجة الى المزيد من بيانات التأييد، والى مساعدة الدول المانحة وفي مقدمها فرنسا، لمساعدة الحكومة اللبنانية على الخروج من الأزمة الاقتصادية التي وصلت اليها في اعقاب الحرب، وهو امر بات ملحاً.
في موازاة ذلك، يجب الاسراع وإنجاز الانسحاب من منطقة مزارع شبعا، وبالتالي اعطاء حكومة السنيورة انجازاً سياسياً. إلا أن الاهم من ذلك هو البدء في اجراء مفاوضات سياسية مع سوريا تهدف الى اخراجها مما يعرف بـ«محور الشر» ومن تأييدها للإرهاب، في مقابل ابعاد يدها عن لبنان بالكامل.
انها مهمة اساسية ملقاة على عاتق المجتمع الدولي والمنطقة واسرائيل، إذا ارادوا عدم رؤية المزيد من المضاعفات والتطورات لحرب محلية اخرى في المنطقة.