strong>مهدي السيد
سقوطه يعزز احتمالات اندلاع حرب الصيف المقبل

ليس ثمة غرابة في الاهتمام الإسرائيلي الشديد الذي أظهرته المستويات الإسرائيلية كافة إزاء تطور الأوضاع السياسية داخل لبنان، ذلك أن فرضية العمل الإسرائيلية، السياسية والأمنية، كانت ولا تزال ترى وجود علاقة وثيقة بين مجريات الوضع اللبناني وموازين القوى فيه، وبين طبيعة المصالح الإسرائيلية الأمنية والسياسية.
بيد أن الجديد اللافت في الموقف الإسرائيلي هو عدم قدرة عدد كبير وواسع من الأوساط الإسرائيلية على إخفاء قلقها من امكانية سقوط الحكومة اللبنانية، والمجاهرة بضرورة عمل ما أمكن لتعزيزها، الأمر الذي استدعى تدخّل «حكماء القوم» من بين الوزراء والمحللين الإسرائيليين، ولفت انتباههم إلى أنه إذا كان كلامهم من فضة فإن صمتهم من ذهب في هذا المجال، وأن تقديم خدمة كبرى إلى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، والحرص على تحقيق المصالح الإسرائيلية، يوجبان عدم إبداء التأييد العلني للسنيورة، لأن هذا التأييد العلني هو آخر ما يحتاج إليه، حسبما أفادت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني.
وفي هذا السياق، يبرز السؤال الذي طرحه مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئل، الذي حاول الربط بين الاهتمام الإسرائيلي الكبير بتطور الأوضاع في لبنان، وبين الانجاز الإسرائيلي الوحيد المزعوم من الحرب على لبنان، وهو نشر القوات الدولية على الحدود، وإبعاد مواقع حزب الله عنها. إذ بحسب هرئل، «ليس من قبيل الصدفة أن يتتبّعوا في القدس بقلق ما يحدث في بيروت في الأيام الأخيرة». ويرى هرئل أن القلق لا ينبع فقط من أن «الضغط الذي يستعمله حزب الله وسوريا على حكومة السنيورة قد يُسقطها ويفرض على لبنان حرباً أهلية من جديد»، بل إن ثمة منبعاً آخر لقلق الحكومة الإسرائيلية يكمن، وفق هرئل، في أن «التوتر في لبنان يهدد أيضاً الإنجاز الكبير الوحيد الذي سجلته اسرائيل لنفسها في الحرب في الصيف الأخير، فإذا سقطت حكومة السنيورة، أو إذا طُلب من القائد السنّي تنازلات لمصلحة السوريين وحلفائهم، فإن التسوية التي تم الحصول عليها على امتداد الحدود مع اسرائيل ستكون في خطر».
ويشرح هرئل هذه المعادلة بالقول إنه «في غضون الأشهر الأخيرة، وإزاء نقد الجمهور المتزايد للأداء المختل للمستوى السياسي والعسكري في الحرب، كان لمتحدثي حكومة (إيهود) أولمرت جواب واحد: لقد زعموا أن الواقع في الميدان، هو الذي سيحكم علينا. وهنا، على رغم الاختلالات الكثيرة التي سجلت على امتداد الطريق، امتلك رئيس الحكومة دعوى مقنعة. في نهاية الحرب، أُبعدت مواقع حزب الله عن الحدود مع اسرائيل ونشرت قوة دولية في الجانب الشمالي».
بيد أن هرئل يلفت إلى أن «الأمر يتعلق في الواقع بنجاحات حصلت عليها اسرائيل بعد أسبوع من القتال. أسبوع كان يمكن إنهاؤه بهجمة جوية فقط من غير احتمال خسائر للقوات البرية، لو استجابت اسرائيل لمقترحات الوساطة التي طُرحت. ومع كل ذلك، كان يوجد هنا في ظاهر الأمر إنجاز ملموس».
ويضيف هرئل «لكن استقرار التسوية التي صيغت بالقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن باتت موضع شك أيضاً، فإذا قرر حزب الله من الذي يُؤلف الحكومة المقبلة في لبنان، وحتى لو خرج السنيورة من الأزمة رئيساً للحكومة وتولى عمله، فسوف يكون ضعيفاً، وسيُحدَّد جداً مقدار تعاون بيروت مع اليونيفيل».
وتتمثل خطورة انهيار الإنجاز الإسرائيلي المزعوم بالنسبة إلى إسرائيل، في كونه سينضم إلى سلسلة إخفاقات حكومة أولمرت وجيشها، خلال الحرب وبعدها. وهنا يشير هرئل إلى أنه «بعد نحو أربعة أشهر من وقف إطلاق النار لم يعد حتى الآن الجنديان المختطفان اللذان خرجت اسرائيل الى المعركة من أجلهما، بل لا توجد أي إشارة إلى مصيرهما. وإن عمليات تهريب السلاح من سوريا الى حزب الله، قد استؤنفت بحسب «أمان» (شعبة الاستخبارات)، وهي تجري بزخم كبير. أضف إلى ذلك إعادة بناء جنوب لبنان بأموال ايرانية فيما يتجول أفراد حزب الله هناك بلا عائق».
بيد أن الأمر الأصعب الذي يُحذر منه هرئل هو قوله إنه «يصعب أن نرى الجنود الأوروبيين يُصرون على البقاء في الجنوب، إذا ما ألمح إليهم حسن نصر الله بأنه ينوي أن يقوم بشن عمليات عليهم، كما فعلت منظمته ضد القوات الأميركية والفرنسية في 1983».
وبحسب هرئل فإن «كل ما ينقص أولمرت الآن هو أن يقرر حزب الله إقامة موقع أول من جديد على الحدود من أجل تحدي اسرائيل».
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فقد تساءلت «هل تقف اسرائيل على عتبة حرب أخرى في لبنان؟». للإجابة عن هذا السؤال، لجأت الصحيفة إلى مواقف الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية اللواء احتياط أهرون زئيفي فركش، الذي حذر من أن مثل هذه الحرب من شأنها ان تنشب في غضون أقل من سنة.
وبحسب «يديعوت»، فإن «تقدير الوضع لدى هيئة الأركان يشير الى أن الحرب مع لبنان من شأنها أن تندلع في الصيف القريب المقبل، وقيادة المنطقة الشمالية تستعد لهذه الإمكانية في الأشهر الأخيرة.
ومع أنه لم تُرفع حالياً حالة التأهب في الحدود الشمالية، إلا أنهم في الجيش الاسرائيلي يتابعون عن كثب ما يجري في لبنان».
وفيما سألت الصحيفة «ماذا ينبغي لإسرائيل أن تفعل كي لا تقع مواجهة عسكرية؟»، نقلت عن فركش قوله «ممنوع على اسرائيل التدخل في الأزمة السياسية التي تعصف ببيروت، ذلك أن كل تصريح اسرائيلي مؤيد للسنيورة سيمس به». ويدّعي فركش أن «دور أوروبا هو منع سيطرة عناصر متطرفة تحاول تحويل لبنان الى موقع إيراني متقدم».