«يديعوت احرونوت» ــ مارتين اينديك*
قدم رئيس الحكومة ايهود اولمرت، في خطابه في مراسم ذكرى دافيد بن غوريون، غصن زيتون الى الفلسطينيين. وكان في الخطاب ايضاً، اقتراح آخر للسلام، أقل بروزاً، لكنه أكثر أهمية: اقترح على الدول العربية، التي دعاها الى أن تكون شريكاً كاملاً لإسرائيل والفلسطينيين في صنع السلام، على أساس الاشياء «الايجابية» في خطة السلام السعودية لعام 2002.
تقترح الخطة السعودية، التي صادقت عليها الدول العربية، سلاماً كاملاً مع اسرائيل، وتطبيعاً للعلاقات وإنهاءً للنزاع، في مقابل انسحاب اسرائيلي من المناطق التي احتُلت في حرب الايام الستة. تجاهلت اسرائيل والولايات المتحدة الخطة في الماضي، لأنهما كانتا مشغولتين بمحاربة الإرهاب.
يشير اختيار اولمرت لـ«إحياء» الخطة الى اعتراف متزايد في اسرائيل، وفي واشنطن، بأن الشرق الاوسط دخل فترة جديدة قتالية، تتميز بفشل سياسي، وسباق تسلح نووي ممكن، وقلة تأثير اميركي وجهد ايران وسوريا وحزب الله للغلبة في العالم العربي.
لقد لاحظت الولايات المتحدة واسرائيل منذ زمن، تهديداً مشتركاً لهما من ايران، من خلال سعيها الى السلاح النووي والغطاء الذي تمنحه للإرهاب، وهما تعملان متلازمتين لمحاربته. لكن في هذا العهد الجديد، تنضم اليهما دول وقادة عرب (العربية السعودية وشريكاتها من الإمارات العربية، ومصر، والاردن، ورئيس حكومة لبنان فؤاد السنيورة ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن)، وهم ايضاً قلقون جداً، من تنامي محور ايران ــ سوريا ــ حزب الله. تخشى هذه الدول من الطموح النووي لإيران وتعارض تدخلها في شؤونها الداخلية. والقادة قلقون من الشعبية المتزايدة لرئيس ايران محمود احمدي نجاد ولحسن نصر الله في الدول التي يحكمونها. لا يستطيعون القبول بغلبة ايران في المنطقة، ولا بقبول وصفتها للعنف والارهاب سبيلاً لتغيير الشرق الاوسط.
السؤال الملحّ الذي تواجهه الولايات المتحدة واسرائيل في هذه المرحلة الجديدة هو هل تستطيعان أن تجدا قاسماً مشتركاً مع هذه الدول العربية، التي تهددها المسيرة الايرانية نحو الحصول على الغلبة في المنطقة؟ هذا ما سيكون مدار نقاش سيجري في الاسبوع المقبل في واشنطن، في «حلقة سبان» بين مسؤولين رفيعي المستوى ومختصين اميركيين وإسرائيليين.
هذا هو السياق الذي يجب أن يُفهم فيه اقتراح اولمرت للدول العربية. الاستراتيجية الفعالة الوحيدة في وجه تحدي محور ايران ــ سوريا ــ حزب الله هي عقد حلف لدول وقادة معتدلين، ذوي تصور متشابه، يشمل الولايات المتحدة، وإسرائيل والدول العربية المعتدلة. انها الاستراتيجية التي قدمها اسحق رابين الراحل في بدء التسعينيات، عندما زعم أن المصلحة الاسرائيلية هي في العمل مع الولايات المتحدة لاحراز سلام مع الدائرة الداخلية للدول العربية المجاورة، والفلسطينيون في الأساس، لمحاربة التهديد الأكبر ــ ايران، في الدائرة الخارجية.
ما كان صحيحاً آنذاك، أصبح أكثر صحة اليوم. إن اولئك الذين يشغلون أنفسهم بالتحذير من أن واشنطن توشك أن تضحّي بمصالح اسرائيل على مذبح مقاربتها لايران أو لسوريا، تفوتهم اللعبة الحقيقية التي ابتدأت: بناء حلف وهمي بين اسرائيل والدول العربية ــ مصر، والاردن، والعربية السعودية وإمارات الخليج ــ التي تأتلف في جهد مشترك لحل المشكلة الفلسطينية.

* السفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل