حالما اشتدّت حدة التوتر بين السعودية وإيران بعد إعدام المملكة الشيخ نمر النمر انصبّت التساؤلات عن مدى تأثير ذلك في سوريا. هل فعل آل سعود فعلتهم «البربرية» (بحسب توصيف صحيفة «ذي نيويورك تايمز»)، لإحباط المحادثات المقبلة بشأن الأزمة السورية؟ هل هي رسالة سعودية لواشنطن أيضاً؟ ماذا سيحلّ بالمفاوضات بشأن سوريا وفي الميدان السوري بعد التصعيد؟ أسئلة كثيرة طرحها عدد من الصحافيين والمسؤولين في الخارجية الأميركية والتخوّف واحد: أن تكون سوريا الضحية.
بعض المحللين الغربيين علّقوا الآمال على ما وصفوه بـ«بوادر تهدئة» لمسوها، من جهة، في ما نقله مبعوث الامم المتحدة ستيفان دي ميستورا عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأنه «يوجد عزم واضح من الجانب السعودي على ألا يكون للتوترات الاقليمية الحالية أي تأثير سلبي في القوة الدافعة لعملية جنيف، وفي استمرار العملية السياسية»، ومن جهة اخرى في شجب الرئيس الإيراني حسن روحاني لحادثة الاعتداء على السفارة السعودية والدعوة الى محاسبة المتورطين. هؤلاء تفاءلوا أيضاً بالحرص الذي أبداه وزير الخارجية الأميركي «الذي كثّف اتصالاته بالطرفين طوال الأيام الماضية» للحؤول دون «تراجع أو تعطّل ما توصّلت إليه مفاوضات فيينا ونيويورك».
الأمور باتت تحتاج الى «جهد دبلوماسي خارق»

«متفائلون» آخرون رأوا أيضاً ان التوتر الأخير بين طهران والرياض لن يؤثر في مجريات الأحداث في سوريا لأسباب منها أن الوضع العسكري الميداني في سوريا «لم ولن تؤثر فيه أي أزمة إقليمية أو دولية»، كما أثبتت تجارب السنوات الماضية. أما في السياسة والدبلوماسية، فيقول هؤلاء أيضاً إن المسار السياسي المقرر إطلاقه قريباً، «يخضع لاعتبارات دولية تتجاوز الدولتين الإقليميتين (السعودية وإيران)، فهو مسار مرتبط بروسيا والولايات المتحدة مباشرة، دون إغفال التأثير الإقليمي الذي لن يصل إلى حد إحداث خلخلة في هذا المسار».
لكن المتشائمين كانوا كثراً أيضاً، ووصل بعضهم الى حدّ نعي أي مفاوضات مستقبلية من شأنها إنهاء الأزمة في سوريا. قناة «سي إن إن» نقلت عن مسؤولين سابقين في الإدارة الأميركية حسمهم أن التصعيد الأخير «قلّل فرص أي عمل سعودي - إيراني مشترك لتهدئة الصراع في سوريا».
بعض المحللين الصحافيين أكّدوا أن «لارتفاع حدّة التوتر انعكاسات على المنطقة بأكملها، وأولها على محادثات السلام في سوريا ومحاربة داعش في العراق».
«بعد التأزّم الأخير في العلاقات، يبدو من المستحيل في المستقبل المنظور، أن تضغط كل من الرياض وطهران على وكلائهما (من المقاتلين في الميدان السوري) لعقد سلام فيما بينهم»، يقول إيان بريمير وكليف كابتشان في «ذي هافنغتون بوست»، رافعين مستوى التشاؤم في التحليلات. المسؤول السابق في الخارجية الأميركية نيكولاس بورنز يشرح بدوره لشبكة «سي إن إن» كيف بات الأمر «صعباً جداً» بين «الدولتين اللتين كان من شأنهما أن تقدما التسويات على طاولة المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق حول سوريا»، بعد اشتعال الوضع أخيراً بينهما.
جوشوا كيتينغ على موقع «سلييت» رأى أن الأمور باتت تحتاج الى «جهد دبلوماسي هرقلي خارق» لإعادة المفاوضات الى ما كانت عليه، بين طرفين أساسيين في المعادلة السورية، «أحدهما يدعم المقاتلين المعارضين وآخر يدعم الرئيس بشار الأسد». كيتينغ يشير الى أن «السعودية وإيران تكرهان بعضهما بعضا أكثر مما تبغضان داعش»، والأخير يتحوّل الى المستفيد الأكبر من تصعيد الصراع بين الطرفين، فيما الضحايا الذين سيدفعون ثمن كل ذلك هم المواطنون السوريون والعراقيون واليمنيون. «هي أسوأ طريقة اختارتها السعودية لبداية سنة جديدة تعد بأن تكون مضطربة شرسة ومحبطة داخل المملكة وفي منطقة الشرق الأوسط»، تجهّمت «ذي نيويورك تايمز» في افتتاحيتها.