strong>محمد بدير
أثار التقرير الذي أصدره مراقب الدولة، ميخا لندنشتراوس، والمتعلق بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، اهتماماً كبيراً في الأوساط الإسرائيلية المختلفة، وطرح العديد من علامات الاستفهام، على خلفية المعطيات والحقائق الخطيرة التي كشف عنها، بحيث وُصف بأنه من أشد التقارير وأكثرها إثارة للقلق،
وخاصة أن قسماً من أوجه الخلل والعيوب قد ظهر عملياً وجلياً خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان


حذّر مراقب الدولة، ميخا لندنشتراوس، في تقريره، من مشاكل جوهرية عديدة ظهرت في منظومة التأهيل، وبرزت خصوصاً في خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان. كما كشف التقرير ، للمرة الأولى، عن الرقابة في المكان الاكثر تحصيناً في الدولة ــ المفاعل الذري ــ لكن أجزاء واسعة منه محظور نشرها.
غير أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أوضحت أن الرقابة في مفاعل ديمونة كشفت عن نقاط خلل خطيرة استمرت على مدى سنين طويلة في مجال القوى البشرية والأجور.
وبحسب التقرير، فإن تأهيل الضباط في الجيش الإسرائيلي يجري بطريقة مشوبة بالخلل، من دون أنظمة رقابة ملائمة وبما يتعارض مع التعليمات. ويتبين من التقرير، أن معظم الضباط الكبار، من رتبة عقيد وحتى لواء في الجيش الاسرائيلي، لم يجتازوا مسارات التأهيل اللازمة.
وأظهرت الرقابة أنه على مدى 12 سنة، لم ينشر معهد بحوث «نظرية المعركة» أي كراس او كتاب نظري على المستوى المنظوماتي، رغم أن هذه المهمة هي جزء من خطة عمله. وتدل المعطيات على أن 82 في المئة من الجنرالات، و68 في المئة من العمداء و76 في المئة من العقداء لم يكونوا من خريجي معهد الأمن القومي.
ويشير لندنشتراوس، في تقريره، إلى العلاقة المشوبة بالخلل بين التخطيط والتمويل في الجيش، ويتبين أن الجيش يجد صعوبة في معرفة ما هي الميزانية اللازمة له. ويحذر المراقب من قطع السلاح الموجودة بحوزة الفارين من الخدمة، حيث تبين أن في حوزتهم قطع سلاح تابعة للجيش، ولا أحد يعلم بذلك، بسبب رقابة مختلة.
ويشير التقرير إلى إشكالية في الصلة بين الجيش وشرطة حرس الحدود، فرغم أن شرطة حرس الحدود تخضع للجيش، لا وثائق تعنى بترتيب الصلة، ومسؤولية كل طرف. كما يشير التقرير إلى المماطلة «غير المعقولة» في علاج الشكاوى من مضايقات جنسية.
وفي أول تعليق له على تقرير لندنشتراوس، هاجم وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس بشدة أسلافه في المنصب، معتبراً في الوقت نفسه أن «التقرير خطير، وسيتحول من ناحيتي إلى برنامج عمل». وقال، في مقابلة مع موقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت: «إن وظيفة مراقب الدولة تحديد المسؤولين والأعوام التي حصل فيها الفشل، أما وظيفتي فهي أخذ التقرير ومواجهته كما أواجه ظاهرة إغماض الأعين (عما يحصل من تقصير داخل المؤسسة الأمنية) التي سادت في الأعوام الستة الأخيرة».
وفي أعقاب صدور التقرير، قرر الجيش الإسرائيلي البدء في إخضاع قادة الفرق فيه لدورات تدريبية إلزامية. وقال نائب قائد الذراع البرية في الجيش، العميد مائير خاليفي، في تعليق أولي على ما تضمنه التقرير: يمكنني فقط أن أبتسم حيال الاتهامات التي تضمنها تقرير مراقب الدولة والتي اعتبرت أن الجيش يجهل ما تحتويه مخازن الطوارئ لديه». وأضاف خاليفي أن الجيش يعمل على تصحيح الأخطاء التي يرتكبها، وأنه بدأ بإجراءات لمعالجة المشاكل بعيد صدور التقرير.
وتعليقاً على نشر التقرير، توقف زئيف شيف، في «هآرتس»، عند توقيته، مشيراً إلى أن نشره يأتي في الأيام التي ينتهي فيها الجيش الإسرائيلي من التحقيقات في حرب لبنان الثانية. وبحسب شيف، فإن كثيرين سيدّعون أن ما ظهر في التقرير يمكنه أن يشرح ويوضح ما حصل خلال العدوان على لبنان. لكن المشكلة، كما يراها شيف، تكمن في أن غالبية التحقيقات التي جرت في الجيش الإسرائيلي بشأن الحرب، تركز على شريحة قادة الفرق. وعليه، «كان من المناسب أكثر لو جرى التركيز على المستويات الأعلى في الجيش، مثل قيادة المنطقة الشمالية، حيث إنه كلما كان التعمق أكثر في التحقيقات، اتضح أن أوجه الخلل كانت أعمق خلال الحرب في هذه القيادة».
بدوره، رأى مراسل الشؤون العسكرية في «هآرتس»، عاموس هرئل، أن التقرير يعرض صورة عوجاء «تثير الكآبة» عن وضع اعداد الضباط الكبار في الجيش الاسرائيلي. وأضاف أنه «رغم أن التقرير تم اعداده قبل الحرب في لبنان، فانه لا يصعب أن نجد فيه تشخيصات تُبين جزءاً من المصاعب التي لقيها الجيش الاسرائيلي في القتال. فعندما لا تمر الأكثرية الكبيرة من الضباط الكبار من خلال محطات الاعداد الرئيسة التي أقرها الجيش، وعندما تكون رقابة المضامين الدراسية في الحد الأدنى، وعندما لا يوجد إعداد منظم ــ لا عجب من أن يتبين للجيش أنه تنقصه لغة فنية مشتركة وأن جزءاً من قادته الكبار تنقصهم المعلومات المناسبة لقيادة فرق وألوية في القتال. وعندما يفضل الضباط لقباً في ادارة الاعمال من جامعة اسرائيلية أو استكمالاً في الخارج، فإن مكانة الإعداد الفني داخل الجيش الاسرائيلي هي في الحضيض».