صنعاء | الشارع اليمني بقدر ما يبدو صامداً في وجه العدوان ولم يحقق للعدو ما يريده من الفوضى والهيجان بوجه السلطات، فإنه ينتظر تحركاً من قبل اللجنة الثورية في «أنصار الله» التي أكدت أمس أنها بصدد ملء الفراغ الذي تركته استقالة الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي وحكومته قبل الحرب بأسابيع. خطوة حرصت اللجنة على تأجيلها إلى حين حصول توافق يمكن ان ينتج من أروقة حوار يرعاه المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر رغم الاعلان الدستوري. لكن العدوان خلط الأوراق وفرض واقعاً مختلفاً وجديداً.
وأكد رئيس اللجنة الثورية العليا، محمد علي الحوثي، المكنّى بـ أبو أحمد، لـ»الأخبار»، أن «هناك مشاورات جارية مع احزاب متعددة لشكيل حكومة طوارئ». وأضاف، حول طبيعية هدف التحرك، أن «الحكومة ستكون معنية باتخاذ خطوات إيجابية لادارة الازمة والجبهة الداخلية ومواجهة العدوان الخارجي وتداعياته»، مشيراً إلى أن «الحكومة يجب ان تأخذ مسارها في مواجهة العدوان ومتابعة شؤون المؤسسات ورفع الجاهزية لديها والتعامل بجدية مع ما يحصل في الوطن وإعادة تفعيل المؤسسات اكثر مما هي عليه».
مخاوف دولية
من «انهيار» اليمن
خلال أيام

ويواجه «أنصار الله» انتقادات واسعة تتهمهم بالتأخر في تشكيل حكومة ومؤسسات شرعية تملأ الفراغ وتتحمل مسؤلية إدارة الازمة. وقال الحوثي، رداً على سؤال حول تأخر تشكيل مجلس وطني وحكومة وفق الاعلان الدستوري، «كنا حريصين على الشراكة وعدم الانفراد بالسلطة، وكنا ننتظر التوافق، وكان المجلس الوطني وشكل السلطة ومؤسساتها قد تم الاتفاق عليها في الحوار برعاية بن عمر، ونحن حالياً نتحدث مع كل الاحزاب والقوى الوطنية، بما فيها المؤتمر الشعبي العام، لترجمة ذلك وتطبيق الاتفاقات حيث توقفت في الحوار». وفيما يعتبر ناشطون ان تفاقم الاوضاع وغياب التعاطف الحقوقي والانساني دولياً تجاه الحصار على الشعب اليمني سببهما غياب الحكومة، قال الحوثي إن «الحصار غير مبرر وغير شرعي سواء كانت هناك حكومة أو لم يكن هناك حكومة، فالشعب لا ينبغي ان يعاقب، ويجب ان يكون بمنآى عن أي صراع».
الوضع الانساني الذي صار محور قلق وتوتر الشارع اليمني انعكس على شكل دعوات ومطالبات شعبية تضغط على السلطات في صنعاء باتجاه توضيح افق الايام المقبلة. وفي ما وصف بأنه دليل على إدراك «أنصار الله» لحجم المسؤولية امام الشعب والمؤسسات الحكومية التي يديرونها بمشاركة بعض القوى، بعثت دائرة العلاقات الخارجية للجماعة رسالة الى الأمين العام للامم المتحدة وسفراء الدول الشقيقة والصديقة شرحت الواقع الانساني والمآسي التي يفرضها العدوان السعودي عبر القصف والحصار. وذكرت الرسالة أمثلة على جرائم العدوان التي مورست عقب بيان الامين العام بان كي مون الداعي إلى وقف العدوان بيوم واحد. وقالت الرسالة «نتطلع إلى دور إنساني فاعل وبنّاء ينتصر للأخلاق وللقيم الإنسانية المشتركة، ويضع حداً لكل هذا الصلف السعودي بحق شعبنا اليمني المظلوم والمحاصر دون أي مبرر أو مسوغ ما عدا كونه يناهض الفساد والإرهاب نيابة عن الإنسانية جمعاء».
وقال أبو أحمد الحوثي إن «منظمة الامم المتحدة معنية بأن تقوم بدورها الحقيقي والفاعل في النظر الى اليمن واليمنيين بعين الاعتبار كونه يمر بكارثة إنسانية بسبب انقطاع مشتقات النفط والادوية والمواد الغذائية والاساسيات بشكل شبه كامل»، مشدداً على وجوب ان يتوقف الحصار باعتباره خارج اطار الشرعية الدولية. واضاف «ما يفعله العدوان هو ظلم بحق الشعب اليمني وعلى احرار العالم ان يتحركوا بفاعلية ليعلم العالم ان الشعب اليمني تحت الحصار دون أي مبرر و دون أي مسوغ».
في السياق، حذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن، يوهانس فان در كلاو، من نفاد سريع لمخزون المحروقات والغذاء في هذا البلد، «ما قد يؤدي الى انهيار في البنى التحتية الاساسية في غضون ايام». وقال فان در كلاو من جيبوتي إن الخدمات التي لا تزال تعمل في مجال الصحة والمياه والغذاء باتت قيد التوقف بسبب عدم وصول الوقود.
وتوقع المنسق أوضاعاً إنسانية أسوأ من تلك الحالية، «إذا لم يحدث أي شيء على هذا الصعيد»، محذراً من احتمال توقف المستشفيات في حال نفذ الوقود. وأوضح أن سيارات الاسعاف لن تستطيع التحرك، كذلك فإنه لن يتم ضخ المياه في شبكة التوزيع وستتعرض الاتصالات لخطر الانقطاع، قائلاً: «إذا لم يتم التزود بالوقود والغذاء خلال الايام المقبلة، فإن كل شيء سيتوقف في اليمن».
وطالب فان در كلاو، في حديثٍ إلى «فرانس برس»، بهدنة إنسانية عاجلة، ولو لعدة أيام، خصوصاً أن الحظر على الأسلحة يترك «عواقب غير محمودة» على المساعدات الانسانية التي تستطيع الأمم المتحدة توفيرها لليمنيين عبر مراكب وطائرات، في إشارةٍ إلى منع «التحالف» هذه الوسائل من الوصول إلى اليمن.