علي حيدر
ترى الاستخبارات الإسرائيلية أن سوريا تتحرك على مسارين متوازيين: الاستعداد للتفاوض والإعداد للمواجهة العسكرية. والجهات العسكرية ترى الطرف السوري ناضجاً للتفاوض، وأن الوضع السياسي الحالي يمثل فرصة ينبغي استغلالها عبر المبادرة لفتح قناة تفاوضية مع دمشق تهدف إلى تطويق النفوذ الإيراني وإبعاده عن محيطها المباشر. ومع ذلك، تستبعد الحكومة إجراء محادثات كهذه في المرحلة الحالية وتتشكك بإمكان تحييد سوريا عن ايران

قدم رئيس وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) يوسي بيدتس، في جلسة الحكومة الأسبوعية، تقريراً تناول فيه تقدير الاستخبارات للاستراتيجية التي يتبعها الرئيس السوري، بشار الأسد، في مواجهة إسرائيل، التي ترتكز على العمل في اتجاهين، «فهو من ناحية لا يلغي إمكان إجراء تسوية سياسية مع إسرائيل، ومن ناحية أخرى، يعد قواته لمواجهة عسكرية عن طريق تكثيف إنتاج الصواريخ البعيدة المدى، وتقريب القذائف المضادة للدروع إلى الجبهة في هضبة الجولان، وبنظره لا يوجد تعارض بين المسارين».
وقال بيدتس إن «دمشق لا تزال تتدخل بما يحدث في لبنان»، وبرر ذلك بأن النظام السوري قلق «من المحكمة الدولية» في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأضاف أن «الرئيس السوري يكثف منذ أسبوعين نشاطاته السياسية» انطلاقاً من اقتناعه بأنه «أحدث تصدعاً في الموقف الدولي لمصلحة إجراء الحوار» معه، وهو بالتالي «يسعى إلى استغلال ذلك».
وفي هذا السياق، قال ضابط رفيع المستوى في قيادة المنطقة الشمالية: «لا تتوافر لدينا معلومات استخبارية تفيد بأن لدى سوريا نية لشن حرب في الصيف القريب، أو لتسخين الحدود بعمليات مقاومة وقتال». ورأى أن كل الحديث عن حرب في صيف 2007 «هو كلام غير مسؤول لا يستند إلى ما يجري فعلياً على الجبهة السورية والجبهة اللبنانية».
وكشفت صحيفة «معاريف» عن تبلور موقف، في الجيش الإسرائيلي، يدعو إلى القيام بخطوة سياسية إزاء الرباعية العربية، التي تُصنف إسرائيلياً على أنها المحور العربي المعتدل، والممثلة بـ«مصر، السعودية، الأردن والإمارات» وإزاء سوريا. ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري رفيع المستوى قوله: «في كل ما يتعلق بسوريا، وصلنا إلى الزاوية. والآن من الصحيح تحريك عملية» سياسية، مشيراً إلى أن «الظرف الراهن مع سوريا ليس جيداً. وتوجد أهمية للقيام بذلك ... ولقد استنفدنا الجلوس على الجدار. يجب القيام بشيء». وشدد المصدر العسكري على الخيار السياسي وعرض تقديره للواقع السوري أن من الصحيح حتى الآن أن «السوريين يترددون في أي اتجاه يسيرون. سياستنا (الإسرائيلية) الحالية تدفعهم إلى أحضان إيران»، مشيراً إلى أن دمشق تصطدم من جهة إسرائيل «بالحائط ولهذا فهم يُدفعون الى الجانب الآخر». وفي محاولة لتسويق فكرة الانفتاح على التفاوض مع سوريا، قال المصدر إن السوريين «قادرون على توفير البضاعة اللازمة منهم»، مشيراً إلى أنهم في حالة «نضوج إيجابي» على هذا الصعيد، لأن «ما يهمهم أكثر من أي شيء آخر هو قضية اغتيال الحريري والتحقيق الدولي».
في المقابل، استبعد نائب وزير الدفاع الإسرائيلي افرايم سنيه إجراء أي محادثات سلام مع دمشق في المرحلة الحالية. وقال، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية: «لو كان من الممكن عزل سوريا عن إيران لحققنا إنجازاً استراتيجياً لا شك فيه، لكن السوريين يطالبون مسبقاً بضمانات تتعلق بأراض يجب على إسرائيل ألّا تقدمها لهم».
إلى ذلك، قال مسؤول في الاستخبارات الإسرائيلية، لوكالة «فرانس برس»، إن سوريا تريد استخلاص الدروس من الحرب بين إسرائيل وحزب الله الصيف الماضي. وأوضح أن «سوريا تعلمت الكثير من حزب الله الذي نجح في تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة، ولا سيما في دباباتها وآلياتها المدرعة باستخدام أساليب حرب العصابات».
وبخصوص مواجهة النفوذ الإيراني، رأى المصدر العسكري أيضاً أن هناك «تقارباً في المصالح» بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة «وأن هذه فرصة، فإيران النووية مشكلتهم بقدر لا يقل عن كونها مشكلتنا. فالنفوذ الإيراني في المنطقة يقلق جداً مصر والأردن والسعودية والإمارات ودول الخليج». ورأى أن السؤال الأساسي يكمن في «كم يمكن استغلال هذه الفرصة؟».


آخر الأخبار
قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، افراييم سنيه، أمس إن التظاهرات التي تنظمها المعارضة اللبنانية في بيروت لإسقاط حكومة فؤاد السنيورة «تندرج في الحرب التي يشنها محور الشر من أجل تأمين اتصال جغرافي من إيران إلى أفغانستان، مروراً بسوريا ولبنان». من جهة أخرى أعربت جهات في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عن تخوفها من إمكان انزلاق هذه التظاهرات نحو الحدود الشمالية في حال تواصلها.