محمد بدير
عاد رئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود أولمرت أمس الى سياسة الغموض النووي، في محاولة لتصحيح «زلة اللسان» التي تسببت بموجة من الانتقاد والغضب في اسرائيل، بعدما ألمح خلالها الى امتلاك الدولة العبرية السلاح النووي، فيما نشط وزراء في حكومته ومستشاروه.
وتعمّد أولمرت، خلال مؤتمر صحافي جمعه والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس، التشديد على سياسة الغموض النووي الرسمية. وقال ان «اسرائيل لن تكون أول دولة تدخل السلاح»، مضيفاً ان «التصريحات التي أدليت بها واضحة ولا لبس فيها على الإطلاق، ولا تحتاج الى توضيح أو شرح».
وكان أولمرت قد صرح لمحطة التلفزة الألمانية «N24» بأنه لا يمكن إجراء مقارنة مع إيران «التي تهدد علناً وبصراحة وعلى رؤوس الأشهاد بمحو اسرائيل من الخريطة، والأمر ليس متساوياً عندما يطمحون الى امتلاك سلاح نووي مثل أميركا وفرنسا واسرائيل وروسيا».
وحاول مستشارو أولمرت التخفيف من وطأة التصريحات التي أثارت أمس جدلاً واسعاً في اسرائيل. وأعلن ديوان رئاسة الوزراء انه «جرى إخراج تصريحات أولمرت عن سياقها»، وقالت المتحدثة باسم أولمرت، ميري إيسين، التي رافقته في زيارته الأخيرة لأوروبا، إنه «لم يقصد أن يقول إن إسرائيل تمتلك أو تريد امتلاك أسلحة نووية، فهو لم يقل شيئاً كهذا».
وأوضح وزير الدفاع الاسرائيلي عامير بيرتس أمس، خلال زيارة أجراها لقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الاسرائيلي، ان اسرائيل ستستمر في سياسة الغموض النووي. وقال ان «سياسة اسرائيل لم تتغير في انتهاج السياسة (النووية) نفسها».
ودافع وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعزر (العمل) عن أولمرت وطالب بالتزام الصمت وعدم إثارة المسألة. وقال لإذاعة الجيش الاسرائيلي «أوصي كل الذين يريدون مواصلة الحديث عن هذه القضية، الكف عن ذلك باسم الله وباسم أمن اسرائيل»، مشدداً على أن التصريحات «لم تتسبب بضرر لإسرائيل أو لأمنها، فأنا لا أرى في تصريحات أولمرت تأكيداً على امتلاك اسرائيل أسلحة نووية».
ونقلت وكالة «فرانس برس» أمس تصريحاً لمسؤول حكومي رفيع المستوى رفض الكشف عن اسمه يقول فيه إن أولمرت وقع في «زلة لسان فعلية ولم تكن محضّرة، إنه أمر محرج لاسرائيل وخصوصاً موضوعاً بمثل هذه الحساسية»، لكنه شدد على ان «ذلك لا يغيّر شيئاً، فالسياسة (النووية) لا تزال على حالها».
وتوالت أمس الانتقادات الاسرائيلية لأولمرت، وخصوصاً من طرف المعارضة. فبعدما هاجم رئيس حزب ميرتس اليساري يوسي بيلين، أولمرت و«التعبير المثير للدهشة الذي وصل الى حد الإباحة»، ودعا عضو الكنيست من حزب الليكود يوفال شطاينس الى «استقالة أولمرت بعد الضرر الذي تسبب به لسياسة الغموض النووي»، قال وزير الخارجية السابق وعضو الكنيست عن حزب الليكود سيلفان شالوم لإذاعة الجيش، إن تصريحات رئيس الحكومة «تلحق ضرراً كبيراً بإسرائيل، فنحن في منتصف هجوم (دبلوماسي) ضخم على محاولات ايران لإنتاج قنبلة نووية».
ووجد عضو الكنيست من حزب الاتحاد القومي المتطرف، أرييه الداد، في أقوال أولمرت فرصة لإطلاق تهديده لإيران. وقال «اذا كانت أقوال أولمرت تعبّر عن تغيير في السياسة وليست زلة لسان، فيتعين عليه ان يوجه رسالة واضحة الى العالم الحر: إذا لم تعملوا على صد ايران (النووية)، فنحن سنوقفها بأي ثمن». إلا أن الداد عاد ووجّه رسالة الى المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، وطالبه بإجراء تحقيق مع أولمرت لمعرفة ما إذا كان قد تلقى مصادقة من الرقابة العسكرية قبل إدلائه بتصريح حول المسألة، وإلا «فإجراء تحقيق جنائي معه».