القاهرة | أزمة كبيرة يشهدها حزب «الوفد»، أحد أقدم الأحزاب المصرية، إذ أسّسه قائد ثورة 1919 سعد باشا زغلول. أزمة جديدة عنوانها التصارع بين جبهتي الرئيس الحالي للحزب، السيد البدوي، ورجال رئيس الحزب السابق محمود أباظة، وإثر ذلك يواجه الحزب أحد سيناريوين: عنف داخلي البقاء فيه يكون للأقوى، وإما أن تلجأ «لجنة شؤون الأحزاب» إلى تجميده كما جرى مع بعض الأحزاب.
وتعود الخلافات بين الطرفين، البدوي وأباظة، إلى اللحظة التي أخفق فيها الثاني في مواجهة الأول خلال انتخابات رئاسة «الوفد» عام 2010، بفارق 1% من الأصوات. وكلما يبدو أن الصراع هدأ، لا يلبث أن يعود مجدداً عند اقتراب الدورة الانتخابية الجديدة، والحزب على مشارفها هذه المرة، إذ من المنتظر أن تجرى انتخابات الهيئة العليا منتصف الشهر الجاري.
وفي الوقت الذي يطالب فيه ثمانية من قيادات الحزب بتنحية رئيسه وسحب الثقة تحت مسمى (جبهة إصلاح الوفد)، فإنهم حصلوا على توقيعات من نحو 800 عضو يؤيدون مطالبهم.
في المقابل، أصدر البدوي قراراً بوقف عضوية هؤلاء مع إحالتهم على التحقيق، ما تسبب في اشتعال الغضب بين الطرفين وإصرار كل واحد على موقفه.
ويرى مراقبون أن الخلاف هذه المرة قد يكون أمنياً في الدرجة الأولى، بعد الهجوم الذي شنّه البدوي على أجهزة الدولة وقائمة «في حب مصر» سابقاً، فيما كانت الأجهزة الأمنية تستغل الغاضبين من البدوي تمهيداً لإقصائه عن الحزب. ويقدرون أيضاً أن هذه الأحداث تشير إلى أن الأحزاب تعيش مرحلة صعبة للغاية في الحياة السياسية، هي أقرب إلى وصفها بالفقر السياسي، وهو ما قد يلحق أحزاباً أخرى لا ترغب الدولة في استمرارها وتقويتها بموقفها الناقد لها، كـ«الحزب المصري الديموقراطي»، الذي يرأسه محمد أبو الغار.
ولا يزال التخوف قائماً حتى إجراء الانتخابات في «الوفد»، وتحديداً في الخامس عشر من هذا الشهر، وذلك في ظل استمرار حراسة شركة «فالكون» ــ الشركة نفسها التي تتولى حراسة الجامعات وهي سبب في اشتعال غضب الطلاب وثورتهم ــ على أن منعها لأحد «الوفديين» من دخول مقر الانتخاب سيكون قشة تقصم ظهر الحزب، بل قد تشعل مواجهة متسعة في أروقة «الوفد».
وفي محاولة لإنهاء هذا الصراع، أفادت مصادر داخل الحزب بأن «شيوخ الوفد» يديرون حواراً بين الطرفين المتنازعين، أملاً في إيجاد حل وسط يقطع الطريق على أي ضرر قد يجلبه الصراع، ولكنّ طرفي الخلاف لم يعلنا موقفاً صريحاً بعد من الحوار. ويقول عضو الهيئة العليا في «الوفد»، عصام شيحة، إن على البدوي أن يعلن بالكشوف الرسمية أرقام ودائع وأموال الحزب، مطالباً إياه أيضاً بردّ مبلغ 16 مليون جنيه خسره «الوفد» بسبب تعاقده مع شركة «ميديا لاين» برئاسة علاء الكحكي... «وإلا فستأخذ الأمور منحى آخر».