يحيى دبوق
بيرتس قرّر الرد على «استفزازات» الحدود: لن نسمح بتحطيم قواعد اللعبة

وافق وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس، خلال زيارة قام بها إلى قيادة فرقة الجليل شمالي فلسطين المحتلة أمس، على توصية تقدمت بها مجموعة من الضباط، طالبت بالرد بشدة على أي استفزاز يقوم به حزب الله على طول الحدود، في الوقت الذي أظهرت تقارير تكلفة العدوان الأخير على لبنان أن مقتل كل عنصر من حزب الله خلال الحرب كلف الخزينة الإسرائيلية 14 مليون دولار.
ونقلت صحيفة «هآرتس» أمس عن بيرتس موافقته على دعوة أطلقها ضباط رفيعو المستوى في الجيش الإسرائيلي، طالبوا فيها بأن «ترد إسرائيل بقسوة على كل تحرش من جانب حزب الله على طول الحدود الشمالية، وأن تقوم إسرائيل بإعادة دراسة معايير التعليمات والرد بصورة قاسية، حتى بشكل غير متناسب، بهدف منع حزب الله من إضعاف النظام الحالي القائم على الحدود» الشمالية.
وقال بيرتس إن «إسرائيل لن تسمح بالتحطيم التدريجي لقواعد اللعبة، كما كان سائداً على مدى ست سنوات على طول الحدود» مع لبنان، مشدداً على أن الدولة العبرية «لن تعود إلى وضع ما قبل حرب لبنان الثانية». كما أثنى على قوات اليونيفيل «التي تقدم إجابات عن طلبات إسرائيل بشأن التحرشات على الحدود».
ونقلت الصحيفة نفسها رأياً سائداً لدى ضباط الجيش الإسرائيلي يعتبر أن «إسرائيل خلقت من خلال عملياتها الهجومية في حرب لبنان الثانية وضعاً ردع حزب الله، إلى حد معين، عن شن هجمات أخرى باتجاه أراضي إسرائيل». لكنها استدركت بالقول إن «الانطباع العام لدى الأركان العامة وفي قيادة المنطقة الشمالية (للجيش الإسرائيلي) أن حزب الله يختبر سياسات إسرائيل مع مرور الوقت وبوسائل مختلفة، من بينها تحرشات صغيرة، كرشق دوريات الجيش بالحجارة وتنظيم تظاهرات على السياج» الحدودي.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن «حزب الله سيصعّد أنشطته في مراحل متأخرة جداً، ويمكنه أن يقوم بذلك من خلال عمليات ينفذها وكلاء أو أن يسمح للمنظمات الفلسطينية التي تخدم أهدافه بتنفيذ عمليات من مسافات بعيدة».
لا حرب في الصيف؟
وفي هذا السياق، قال بيرتس للإذاعة الإسرائيلية أمس إنه من غير المحتمل نشوب أيّ حرب في الصيف المقبل بين إسرائيل وسوريا أو أي دولة عربية أخرى، موضحاً أنه «بناءً على كل المعطيات التي أملكها، لا أحد ينوي مهاجمة إسرائيل ولا ننوي بدورنا شن هجوم على سوريا أو أي دولة أخرى».
وكرر بيرتس موقفه الداعي الى إجراء مفاوضات مع سوريا. وقال إنه «يجب انتهاز كل الفرص للتفاوض مع سوريا، وقد طلبت من رئيس الوزراء (إيهود أولمرت) إجراء مشاورات عاجلة في هذا الصدد. لم يتغير رأيي حول هذه القضية، وأرى الخيار السوري جزءاً لا يتجزأ من عملية السلام في الشرق الأوسط».
14 مليون دولار
الى ذلك، تناولت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في افتتاحيتها أمس، تكلفة الحرب الأخيرة على لبنان، التي بلغت وفق الإحصائيات الإسرائيلية خمسة مليارات دولار أميركي، وتساءلت عن فائدتها العسكرية بالنسبة لإسرائيل.
وقالت الصحيفة إن «إسرائيل لم تتمكن من احتلال أراضي العدو، ولم تعزز قوة ردعها»، وجلّ ما استطاع الجيش إنجازه هو «تصفية 250 مسلحاً من حزب الله، بحسب اعتراف الحزب أخيراً، وتدمير عدد من المباني القيادية في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان».
وأجرت الصحيفة عملية حسابية للتكلفة والأرباح، فقدّرت أضرار حزب الله التي طالت الممتلكات ومخازن السلاح بنحو نصف مليار دولار، إضافة الى نتائج إيجابية أخرى بنصف مليار دولار إضافي، ناهيك عن أضرار البنية التحتية المدنية في لبنان التي «لا يمكن اعتبارها ذات فائدة» لإسرائيل. وبالتالي يبقى أن 250 عنصراً من حزب الله قد كلفوا إسرائيل إنفاقاً وصل إلى 3.5 مليارات، أي أن تصفية كل مقاوم من حزب الله كلفت إسرائيل 14 مليون دولار.
وتهكّمت الصحيفة على «إسرائيل التي تمتلك جيشاً يعتبر نفسه أحد أقوى الجيوش في العالم ويتكلف 14 مليون دولار لقتل مخرّب واحد فقط»، وهو ما يحوّل الحرب الأخيرة «الى أكثر الحروب إنفاقاً، وهي الأغلى في تاريخ الدولة» العبرية.
وواصلت الصحيفة تهكمها ونقلت عن الاستخبارات الاسرائيلية تقديرها أنه «لو تطوعت جهة دولية وعرضت نصف مليون دولار على كل مقاتل من مقاتلي حزب الله كي يترك هذا الحزب، لتوجّه مئات المقاتلين للحصول على هذا المال، وبالتالي كان بالإمكان شراء ابتعاد ألفي مقاتل من حزب الله في مقابل مليار دولار، وكان بإمكان إسرائيل أن توفر مليارين ونصف مليار على الاقتصاد الوطني، من دون حرب ومن دون كاتيوشا وقنابل عنقودية وسقوط قتلى وجرحى».
وردت الصحيفة سبب التكلفة الباهظة للعدوان الأخير على لبنان الى «الاستخدام غير المتوازن للتفوق الواضح للجيش الإسرائيلي بما خص التكنولوجيا المتقدمة، ذلك أن تحقيقات الحرب أظهرت أن طبقة كاملة من ضباط الجيش الإسرائيلي لا تعرف كيف تستخدم، في ميدان القتال، الوسائل القتالية المزودة بالتكنولوجيا المتقدمة جداً، في القيادة وفي المعلومات»، مشيرةً الى أن «عدداً قليلاً من الأذرع والوحدات الأخرى في الجيش يعرف استخدامها، بما يشمل متخرجي الدورات العسكرية الذين يتقنون القتال من دون أن يتقنوا استخدام التكنولوجيا المتقدمة».
وختمت الصحيفة بالقول إنه «بدلاً من إدارة الحرب باستغلال الوسائل القتالية المتقدمة التي وظّف الجيش كثيراً من الموارد فيها، كانوا يقاتلون وفق معايير قديمة، الأمر الذي تسبب بدمار كبير وكلفة مالية باهظة، مع تحقيق جزء يسير من الفوائد».