محمد بدير
سبقت الصحافة الإسرائيلية نظيرتها اللبنانية في قطع بطاقة سفر على متن القطع البحرية التابعة لليونيفيل والمتجولة أمام الشواطئ اللبنانية في إطار مهمة حفظ السلام ومساعدة الدولة اللبنانية على حظر تهريب الأسلحة إلى أراضيها بموجب القرار 1701. انطباعات عديدة حملها مراسل «يديعوت أحرونوت» عن رحلته التي شملت عدداً من البوارج الحربية الألمانية المشاركة في القوة الدولية، خلاصتها التسليم بانعدام جدوى ما تقوم به هذه القوة على صعيد مهمتها المعلنة، والإعراب عن القلق مما يمكن أن يفضي إليه التماس المتواصل مع ضباط الارتباط اللبنانيين من قبل العناصر الألمان لجهة تأثرهم بالرواية اللبنانية للصراع مع الوقت.
وينقل مراسل «يديعوت»، غيل يارون، عن قائد القوة البحرية، الأدميرال الألماني أندراوس كراوزه، قوله «إننا هنا للتأكد من عدم تهريب السلاح عبر البحر، ولا إشارات حتى الآن على أننا لا نقوم بمهمتنا بنسبة مئة في المئة». ويزيد المتحدث باسم القوة، المقدم براديشفسكي، على قائده عارضاً القدرات التقنية للبوارج التي يضمنها الأسطول الدولي، قائلاً «نحن نرى كل شيء. راداراتنا المتطورة استطاعت في الماضي حتى تشخيص بقرات نافقة وتلفزيونات ألقيت في البحر».
أما عن آلية عمل هذه القوات، فيعرض المراسل الإسرائيلي ما شرحه له ضباط البحرية الألمان وهو على الشكل الآتي: «تقوم بوارج اليونيفيل بمناداة كل السفن التجارية المتجهة إلى لبنان، وتستجوبها عبر استمارة تحتوي على 14 سؤالاً، «ومن نشتبه به ننقل أمره إلى اللبنانيين»، كما يوضح ضابط غرفة العمليات في بارجة العلم «بيردنبيرغ». ويزيد المتحدث الرسمي براديشفسكي الصورة إيضاحاً قائلاً «نحن هنا لكي نردع ونمنع ونساعد، لا لكي نحارب».
وهكذا، فإن من يُسمح له باعتراض أي سفينة وتفتيشها ضمن المياة الإقليمية اللبنانية هو سلاح البحرية اللبنانية فقط، وهنا تكمن المشكلة، بحسب المراسل الإسرائيلي، «فحتى لو كان الألمان يعربون عن ثقة كاملة وتأثرهم بالمهنية والتصميم لدى الضباط اللبنانيين، فلا أحد يضمن أنهم سيحاولون فعلاً وضع يدهم على سلاح مهرّب إلى حزب الله. فالسفن التجارية الإيرانية تمر من دون أي عرقلة من قبل سفن اليونيفيل إذا كانت تصريحاتها سليمة، وضمن هذه الشروط، يصعب ضمان عدم تسرّب السلاح إلى يدي (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله».
إذا كان الأمر كذلك، وإذا كان مراسل «يديعوت» يقر بأن معظم سلاح حزب الله يصل عبر الـ375 كيلومتراً من الحدود المشتركة مع سوريا، وإذا كانت القوة الألمانية تدرك، وفقاً لما يؤكده، أنه ليس بإمكانها إنجاز مهمتها العسكرية المتمثلة في منع إعادة تسليح حزب الله، فما الذي يدفع دافع الضرائب الألماني إلى إنفاق نحو 170 مليون دولار سنوياً على هذه المهمة التي تبدو عبثية؟ الجواب، بحسب المراسل الإسرائيلي، سياسي، ويكمن في أن أوروبا تدرك أهمية الاستقرار في المنطقة بالنسبة لأمنها، أي، كما يعبّر عن ذلك أحد الضباط الألمان، «نحن ندافع من هنا عن السواحل الأوروبية». لكن ثمة «ضرر مؤكد بعيد المدى» لما يحصل من زاوية إسرائيلية. «فالمكوث الطويل لضباط الارتباط اللبنانيين على البوارج الحربية الألمانية يتيح لهم تعلم طرق عمل أحد أكثر الأساطيل تقدماً في العالم. فضلاً عن ذلك، إن علاقات العمل المكثفة لأعضاء الطاقم تتحول مع الوقت إلى صداقة، وهكذا ينكشف الألمان بشكل طبيعي جداً للدعاية اللبنانية اليومية». وينتج عن ذلك أنه «عندما يعود جيل ضباط المستقبل الألمان إلى بلدهم في نهاية المهمة، ربما لن يكونوا على علم بأنهم لم يمنعوا تعاظم قوة حزب الله، لكنهم بالتأكيد سيحملون معهم كل الانطباعات والآراء التي اطلعوا عليها من ضباط الارتباط اللبنانيين، من دون أن يلتقوا بأي إسرائيلي في طريقهم».