علي حيدر
إغراق الجنوب اللبناني بالقنابل العنقودية خلال العدوان الأخير، قضية لا تزال تتفاعل في إسرائيل وقد بلغت حد تبادل الاتهامات بين كبار ضباط جيش الاحتلال، بشكل لا سابق له، وخاصة بين القائد السابق للمنطقة الشمالية اودي ادم ورئيس الأركان دان حالوتس.
فقد وجّه رئيس الأركان سهامه أمس باتجاه كبار قادة المنطقة الشمالية، الذين لم يلتزموا، بحسب إدعائه، تعليماته حول القصف بالقنابل العنقودية، في وقت تدعي فيه مجموعة من كبار الضباط أن حالوتس هو من عمل بما يخالف القواعد «لأنه لم يعرض الامر على وزير الدفاع لأخذ موافقته، وهو ما يتعارض بشكل واضح مع التعهدات التي أعطيت إلى الأميركيين».
ونفى حالوتس هذا الادعاء. كما نقل المعلق العسكري في صحيفة «معاريف» عمير ربابورت عن «مكتب وزير الدفاع عمير بيرتس» قوله إنه «أعطى موافقته بقصف مناطق مفتوحة» بالقنابل العنقودية.
وعقّب ضابط إسرائيلي رفيع المستوى على هذا الكلام بالقول إنه «بسبب اتساع دائرة انتشار القصف بالقنابل العنقودية وانتشار القرى في جنوب لبنان، ليس هناك شيء اسمه مناطق مفتوحة، وإن أي قصف سيطال عملياً قرية ما. ومن لم يفهم ذلك مسبّقاً فهو ساذج». ونتيجة لذلك تسود الخشية لدى الضباط المعنيين من أن تنحو القضية منحى خطيراً، ولذلك فقد استعانوا، من ضمنهم اللواء آدم نفسه، بمحامين للدفاع عن أنفسهم. أما حالوتس فقد رفض الاستعانة بأي مساعدة قانونية في خطوة بدت أنها استعراضية. وذكرت «معاريف» أن تصاعد الاتهامات بين الضباط أتى في أعقاب «الضغط الأميركي المتزايد في الطلب من الجيش الاسرائيلي بتحديد المسؤولين عن قصف القنابل العنقودية عبر منظومة أسلحة أميركية»، مشيرة إلى أن هذا الضغط شديد لدرجة «أن المؤسسة الأمنية تخشى أن تتم الإشارة الى رأس كبير كي يدفع الثمن، وهذا من شأنه أن يوقع إسرائيل في أزمة صعبة مع الولايات المتحدة»، كما حصل قبل سنوات، عندما اتهمت وزارة الدفاع الأميركية، نظيرتها الاسرائيلية، ببيع أسلحة ترتكز على عناصر من إنتاج أميركي الى الصين من دون الحصول على تصريح منها.
ويدعي الاميركيون بأن القصف تم خلافاً للتعهدات الواضحة التي أعطيت لهم عندما تم تزويد اسرائيل بمنصات الإطلاق. ومن ضمن التعهدات أن يتم القصف العنقودي «فقط بموافقة مسبّقة من وزير الدفاع، وبعلم وزارة الدفاع الأميركية وتحت قيود مشددة تمنع إطلاق الصواريخ باتجاه مناطق مأهولة».
وذكرت «معاريف» أن قيادة المنطقة الشمالية أعطت تعليمات بالقصف العنقودي في بداية الحرب من دون أي موافقة من المستوى الأعلى. ومن ثم رأى لاحقاً أن الموضوع يعدّ مشكلة، ليتوقف القصف بعد ساعات فقط. لكن بعد مرور وقت ما، بحسب تعبير الصحيفة، صدر أمر واضح يمنع القصف العنقودي لكنه لم يستمر سوى 24 ساعة. الى أن تم تجديده، كما يدعي عدد من الذين حقق معهم بتصريح من اللواء ادم.