غزة ــ رائد لافي
بات اتفاق التهدئة الداخلية بين حركتي “فتح” و“حماس” على مشارف الفشل، بعد تجدد الصدام في قطاع غزة، الذي شهد مقتل فلسطيني واختطاف آخر، وانتقاله إلى مدينة نابلس في الضفة الغربية، وسط تصاعد حرب الاتهامات بين الطرفين.
وعادت أصوات الرصاص لتخترق الهدوء الحذر الذي خيم على قطاع غزة منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين “فتح” و“حماس” مساء الثلاثاء الماضي؛ فقد دارت اشتباكات عنيفة فجر الجمعة، أدت إلى مقتل الشاب أيمن عطا الجرجاوي (32 عاماً) خلال وجوده بالصدفة في حي الصبرة في مدينة غزة، حيث اختُطف أحد عناصر “حماس” على أيدي مسلحين يتبعون إحدى العائلات التي فقدت اثنين من أبنائها في الاشتباكات الأخيرة الثلاثاء الماضي.
وقالت مصادر محلية وشهود عيان، إن مجموعة من المسلحين اقتحمت منزل الناشط في حركة “حماس” محمود اللي (24 عاماً)، واختطفوه وسط إطلاق نار كثيف، قتل خلاله الجرجاوي.
وفي سياق الفتنة الداخلية، قالت مصادر فلسطينية إن مسلحين مجهولين اطلقوا فجر أمس النار على منزل وزير الشؤون الخارجية محمود الزهار في حي الصبرة في غزة، وهو ما دفع حراس المنزل إلى الرد على مصدر إطلاق النار، من دون أن يبلغ عن اصابات.
وفي نابلس، أصيب تسعة فلسطينيين، أحدهم جروحه بالغة الخطورة، خلال اشتباكات مسلحة بين أنصار الحركتين على هامش مهرجان مركزي لحركة “حماس” في الملعب البلدي.
واتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية عن الاشتباكات، التي دارت بينما كان رئيس الوزراء إسماعيل هنية يلقي كلمة أمام المحتفلين عبر الهاتف من غزة.
وقال النائب عن حركة “فتح” جمال الطيراوي، إن “حماس” افتعلت الأزمة في مدينة نابلس عبر إصرارها على إبقاء عناصرها المسلحة في الملعب البلدي، واحتلال أسطح المباني المحيطة، متهماً الحركة بأن لديها “قراراً بنقل ساحة الدم والقتل من قطاع غزة إلى الضفة الغربية”. وأشار إلى أن “حماس” أرادت من الاحتفال في مدينة نابلس مناسبة للإعلان عن قوة تنفيذية في الضفة.
وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أوامره إلى الأجهزة الأمنية بالانتشار في المدينة لمنع تفاقم الاشتباكات المسلحة بين أنصار الحركتين.
في المقابل، حمّلت القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، النائب “الفتحاوي” محمد دحلان، المسؤولية الكاملة عن حال الفلتان الأمني المستشرية في الساحة الفلسطينية. وقال المتحدث باسم القوة، إسلام شهوان، إن “ما يريده دحلان من خلال الفوضى، هو التغطية على ملفات فساده التي كادت تفتحها وزارة الداخلية”، مشيراً إلى أن “العديد من المعتقلين على خلفية جرائم، اعترفوا خلال التحقيق معهم بأن دحلان هو من حرضهم على ذلك”.
كما اتهم المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد أبو هلال، دحلان بالتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، وتقديم المعلومات لها عن المجاهدين الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، نقل المركز الفلسطيني للإعلام التابع لحركة “حماس” عن نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق قوله إن “لدى الحركة معلومات موثقة عن موافقة صهيونية على تزويد حرس عباس، بمدرعات تحمل مدافع رشاشة من عيار 14.5 مليمترات”، مشيراً إلى أن “أطرافاً كثيرة تسعى لحسم عسكري للانقلاب على الحكومة، ويأتي في مقدمات هذا الحسم العسكري موضوع التجييش”.
أما على المستوى السياسي، فقد أبدى هنية، خلال مؤتمر صحافي في غزة، استعداده للشروع فوراً في حوار مع عباس من اجل “تأليف حكومة وحدة وطنية على أساس ومنطلقات وشروط فلسطينية”، في إشارة جديدة إلى رفض التعاطي مع الشروط الدولية.
وشدد هنية على ضرورة التزام الجميع بالتوافق والاتفاق في الشأن الداخلي. وقال “يجب أن يستمر الجميع في سياسة ضبط النفس وأن يتحملوا مسؤولية حفظ الدماء الفلسطينية والحفاظ على الوحدة”.
وجاء رد “فتح” على “قبول هنية”، على لسان رئيس كتلتها البرلمانية عزام الأحمد، الذي وضع شروطاً لاستئناف أي حوار. وقال إن حركته “مستعدة للدخول في أي حوارات حول تأليف حكومة الوحدة الوطنية، شرط أن تكون مرتبطة بسقف زمني أقصاه أسبوعان”.
وأضاف الأحمد، في مؤتمر صحافي في رام الله، أن “الترتيبات للانتخابات المبكرة جارية على قدم وساق، وبمجرد أن ينهي الرئيس محمود عباس اتصالاته وترتيباته في ما يتعلق بها، سيصدر مرسوماً رئاسياً يحدد موعدها”.