strong>... وأخيراً، أقرت إسرائيل بأن عدوانها الأخير على لبنان لم يُشنّ من أجل استعادة الأسيرين الإسرائيليين لدى حزب الله، بل لأسباب أخرى، أبرزها دافع انتقامي، في وقت تواصل فيه استعداداتها للحرب المقبلة عبر تكثيف التدريبات لجنودها، وكانت آخرها مناورة في هضبة الجولان السوري المحتل
أقر وزير الداخلية الاسرائيلية روني بار ــ أون أمس بأن قرار شن الحرب على لبنان لم ينطلق من هدف هامشي هو استعادة الجنديين الأسيرين من أيدي حزب الله، بل معاقبة من نفّذ غزواً لأراضي اسرائيل، في وقت واصل فيه وزير الدفاع عامير بيرتس مكابرته، وأكد لجرحى الحرب أن الدولة العبرية حققت إنجازات مهمة جداً، لكنها ستظهر مع مرور الوقت.
وقال بار ــ أون إن «قرار الخروج الى الحرب (في لبنان) لم يكن بالضرورة انطلاقاً من التوجّه نحو إعادة الأسرى الى البلاد، فموضوع الأسرى كان أمراً هامشياً، وكنا على علم بعدم وجود أمل في استعادتهما من خلال الحرب»، مؤكداً ان قرار اسرائيل جاء على خلفية «خمسة أسباب مختلفة أدت الى شن الحرب، وقضية الأسرى كانت الأخيرة بينها».
وتابع الوزير الاسرائيلي المقرّب من رئيس الحكومة إيهود أولمرت ان «الاعتبار الأول لشن الحرب كان معاقبة من نفذ غزواً من أراضي دولة ذات سيادة، إلى أراضي دولة إسرائيل السيادية». وعندما قيل له إنه يُفهم من أقواله أن الجيش لم يشن حرباً بل عملية انتقامية، قال «يستطيع كل واحد أن يفسّر الأمور كما يراها».
وأدلى بار ــ أون بتصريحاته هذه خلال لقاء جمعه أول من أمس مع أقارب لجنود قتلى من الجيش الاسرائيلي جاؤوا للاحتجاج على نية إطلاق أسرى في إطار صفقة تبادل مع الجندي الأسير جلعاد شاليط.
وقال بار ــ أون إنه «على رغم الأسف، سيُطلق أسرى (فلسطينيون) ممن أيديهم ملطخة بدماء (اليهود)، هذا هو المطلب الفلسطيني، وعلى ما يبدو فإنه لن يكون هناك مفر من الاستجابة له».
ونقل بعض أهالي الجنود القتلى عن بار ــ أون قوله إن «قرار إطلاق مخرّبين اتُخذ على أساس أنه جزء من عملية سياسية شاملة، ترى الحكومة فيها فتحاً لأفق سياسي جديد في مقابل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية»، موضحاً ان قرار إطلاق الأسرى هو «خيار اللاخيار، وقد اتخذناه لاعتبارات شاملة».
إنجازات الحرب؟
من جهته، واصل عامير بيرتس دفاعه عن قرار شن الحرب على لبنان، وأصر على ان اسرائيل حققت بنتيجتها «إنجازات»، يرى أنها ستتكشّف مع الوقت للجمهور الاسرائيلي.
وقال بيرتس، خلال حفل تكريم جنود اسرائيليين أُصيبوا خلال الحرب الأخيرة على لبنان، إنه «لم يجرِ تعريف الحرب على حزب الله بالشكل المناسب»، مشدداً على أن «محاولات إلصاق (صفة) الفشل بحرب لبنان تحرّف الحقيقة وتخلق مبالغات، لكنها (الحرب) أدت الى إنجازات مهمة جداً ستظهر مع الوقت».
وحاول بيرتس توصيف الإنجازات المزعومة، فأشار إلى انها أثبتت «ان اسرائيل غير مستعدة للمرور مرور الكرام إذا ما أُصيب جنودها ومواطنوها»، وطالب بالعمل على إظهار الجيش الاسرائيلي كمن انتصر في الحرب، «فمن المهم القول إن يد جنود الجيش الاسرائيلي كانت هي العليا في أية مواجهة مع عناصر حزب الله خلال الحرب، وان الجنود هم من انتصروا وهم من حققوا إنجازات».
وعلى رغم إصراره على نشر ثقافة الانتصار لدى الاسرائيليين، أكد بيرتس «حصول أخطاء وإخفاقات كانت قد تنامت خلال السنين، سواء لجهة تدريب الوحدات أو توفير التجهيزات داخل مخازن الطوارئ»، لكنه استدرك قائلاً إن «الروح القتالية للجيش الاسرائيلي تغلّبت على الجميع،
وانتصر في الحرب».
نتائج لجنة التحقيق
ومن المنتظر ان تقدّم لجنة التحقيق التي ألّفها الجيش الاسرائيلي لفحص أداء الأركان العامة خلال الحرب الأخيرة على لبنان، توصياتها اليوم الى قائد الأركان دان حالوتس. والتقديرات في الجيش الاسرائيلي ان توصيات التحقيق لن تمس بشكل جوهري بحالوتس الذي سيتمكن، على ما يبدو، من مواصلة عمله وانتظار توصيات لجنة تحقيق فينوغراد الحكومية المتوقع صدورها خلال شهرين من الآن.
وتأتي توصيات اللجنة المشكّلة من خمسة طواقم تحقيق، على خلفية عمل استمر ثلاثة أشهر متواصلة، حققت خلالها في كل التفاصيل المتعلقة بالحرب، وجرى نشر جزء من هذه التوصيات التي تسببت بصدمة في صفوف الجيش والجمهور الاسرائيليين، تبعتها دعوات طالبت باستقالة حالوتس من منصبه. ولم يستجب رئيس الأركان لأي من هذه الدعوات، بل نُقل عن أوساط مقربة منه أنه ينوي الاستمرار في مهماته ما دام يحظى بغطاء من وزير الدفاع ورئيس الحكومة.
ويُنظر الى لجنة التحقيق العسكرية على انها محاولة من جانب حالوتس للالتفاف على إخفاقات الحرب ومحاولات تحميله مسؤولية الفشل في تحقيق أهدافها، وخاصة ان توصياتها تؤثر في نتائج توصيات لجان تحقيق أخرى تنهي عملها لاحقاً، وتحديداً لجنة تحقيق فينوغراد الحكومية ولجنة الخارجية والأمن البرلمانية.
جهوزية الجيش الاسرائيلي
إلى ذلك، يواصل الجيش الاسرائيلي إعلان خطط ومشاريع عسكرية استخلاصاً للعبر من إخفاقات الحرب الأخيرة على لبنان، ولذلك قام ببلورة المشاريع التدريبية لتلافي إخفاقات مماثلة في المستقبل، من بينها إعادة تأهيل جنود الاحتياط خلال سنة واحدة.
وأفاد المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أمس ان خطة عمل الجيش الاسرائيلي التي أعدها أخيراً لإعادة تأهيل جنود الاحتياط، قد بدأت تتبلور وسيجري تنفيذها قريباً.
وبحسب الخطة الجديدة، التي أُطلقت عليها تسمية «جاهزية واستعداد»، فإن 80 في المئة من جنود الاحتياط على المستوى القتالي، سيجري تجنيدهم للعام المقبل، وكل جندي ملزم بقضاء شهر كامل وربما أكثر، وهو ما لم يكن يحدث في السنوات الماضية. وتهدف الخطة الجديدة الى تزويد جنود الجيش الاسرائيلي تقنيات وتدريبات أساسية لم يكن يعمل بها سابقاً.
وأفادت صحيفة «معاريف» أمس أن لواء غفعاتي، وهو أحد ألوية النخبة في الجيش الاسرائيلي، قد أنهى هذا الأسبوع سلسلة من التدريبات على مستوى كتائب أجراها في هضبة الجولان. وجاءت المناورات لتحاكي سيناريو حرب تندلع على الحدود الشمالية لإسرائيل وفي قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن قائد اللواء يوآل ستريك قوله إن «العِبر من حرب لبنان هي جزء مهم جداً من برنامج التدريبات، فجميع كتائب اللواء مستعدة الآن بشكل أفضل لخوض الحرب».