يحيى دبوق
تخشى إسرائيل خطة أميركية للسلام، تقول إن واشنطن ستعلنها قبل نهاية العام الجاري، وتتضمن انسحاباً من العراق ومفاوضات مع سوريا وإيران

تحدّثت إسرائيل أمس عن مبادرة تعدّها الإدارة الأميركية لبلورة خطة سلام إقليمية، تتركز على انسحاب الجيش الأميركي بشكل تدريجي من العراق وإجراء مفاوضات مع سوريا وإيران، الأمر الذي أثار توجّس الدولة العبرية من التداعيات السلبية المتوقعة لخطة كهذه على أمن إسرائيل.
وأفاد المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، أمس أنه «يمكن الاستنتاج من المعلومات التي تصل من واشنطن أن الإدارة الأميركية ستخرج قبل نهاية العام الجاري بمبادرة سياسية بعيدة المدى لتغيير الوضع القائم في الشرق الأوسط، وفي مركزها خطة لانسحاب تدريجي من العراق».
وأضاف شيفر، المقرّب من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أنه «يتوقع أن تبدأ الإدارة الأميركية بمحادثات مع دول محور الشر، إيران وسوريا، وستفسّر الإدارة هذه المحادثات بأنها ضرورية للتوصل إلى الهدوء في العراق».
وأشار المراسل إلى أن «انسحاباً أميركياً من العراق ستكون له انعكاسات كبيرة للغاية على أمن إسرائيل وعلى المحادثات المتوقعة مع إيران وسوريا»، متوقعاً أن «يسمع رئيس الوزراء أولمرت من الرئيس الأميركي جورج بوش عن إعداد المبادرة الأميركية الجديدة خلال لقائهما في واشنطن في 13 تشرين الثاني الجاري».
ونقل شيفر عن خشية مسؤولين رفيعي المستوى من ضغط متوقع على اسرائيل وفضلوا أن يقوم أولمرت بحمل اقتراحات إسرائيلية، وخاصة خلال زيارته المرتقبة «قبل أن تبدأ الضغوط عليه للاستجابة لخطة الآخرين». وأشار المراسل إلى أنه يمكن ملاحظة توجهين متناقضين في مكتب أولمرت؛ الأول يرحب بالجمود السياسي الحاصل وخصوصاً في المسار الفلسطيني، فيما يدعو التوجه الآخر إلى وجوب كسر الجمود من خلال المبادرة لعملية سياسية قبل أن تجد إسرائيل نفسها مسوقة وراء مبادرات دولية.
ويرى المحيطون بأولمرت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيبقى في المستقبل أيضاً المرشح للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يزال في هذه الأثناء يرفض مبادرة زعماء أوروبيين لعقد مؤتمر دولي يتم البحث خلاله في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقضية العراق ومسار سلمي مع سوريا.
وتعتزم وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، من جهتها، طرح أفكار خاصة بها على أولمرت قبل سفره إلى واشنطن، وترى أن كافة الأحزاب المشاركة في التحالف الحكومي في إسرائيل تؤيد قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في إطار حل الصراع، لكنها ترى أن تجديد المحادثات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لن يتم قبل إجراء تغيير على تشكيلة الحكومة الفلسطينية.
في هذا الوقت، نقلت صحيفة «معاريف» أمس عن مصادر سياسية إسرائيلية، وصفتها بأنها رفيعة المستوى، إشارتها إلى «وجود انتقادات كبيرة من قبل محافل سياسية إسرائيلية للمبادرة الإسبانية التي جرى الحديث عنها في الأسبوع الماضي لتحريك عملية السلام في ما وصف بمؤتمر مدريد (2)، رغم أن معلومات وصلت الى وزارة الخارجية الإسرائيلية تفيد بأن المبادرة الإسبانية حازت على تأييد روسيا، وتسعى إسبانيا الى حثّ الأميركيين على القيام برعاية المؤتمر، على أن يشارك فيه، الى جانب إسرائيل، كل من سوريا ولبنان وإيران ودول عربية أخرى».
وأفاد تقرير وصل إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، عن طريق السفارة الإسرائيلية في مدريد، أن «إسبانيا تعمل على إطلاق مبادرة (سياسية) بعد 15 عاماً على مؤتمر مدريد التاريخي، على أن تشارك فيه إيران». وأضاف أن «المبادرة حازت على تأييد روسيا ويقوم المسؤولون الإسبان بإجراء اتصالات مكثفة مع الولايات المتحدة من أجل الحصول على رعاية أميركية للمؤتمر».
وأضافت «معاريف» أن «النية تتجه في مؤتمر مدريد الثاني، الى إجلاس سوريا ولبنان ومصر والأردن، وأيضا مندوبين رفيعي المستوى من طهران». لكنها أضافت أن «المقاربة الإسرائيلية تجاه المؤتمر المفترض عقده، كما تجاه المؤتمر الأول (عام 1991)، تتسم بانتقاد شديد للمبادرة من قبل جهات سياسية إسرائيلية».
وأوضحت الصحيفة نفسها أنه من «الصعب التصديق بأن رئيس الحكومة إيهود أولمرت والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، سيجلسون سوياً حول طاولة مفاوضات، رغم أن المبادرة الأسبانية الجديدة تتباهى بالجمع بين الرجال الثلاثة».
وقال مصدر سياسي رفيع المستوى للصحيفة إنه «من غير المقبول ألّا يضعنا الإسبان في صورة المبادرة (مسبقاً)، وقد فهمنا أنهم يريدون مؤتمراً بتركيبة جديدة تشمل الإيرانيين، ولا ندري عن أي تأييد أميركي (يتحدثون عنه)، وخاصة أن الموقف الأميركي تجاه سوريا معروف، وما تزال واشنطن تنظر الى دمشق كجزء من محور الشر».
تجدر الإشارة الى أن وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس كان قد أعلن الأسبوع الماضي أمام البرلمان الإسباني أن «خريطة الطريق من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط لم تعد كافية وأن مبادرة نوعية على طراز مؤتمر سلام باتت ضرورية».