يحيى دبوق
جدّد رئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود أولمرت مواقفه الرافضة لإجراء محادثات سلام مع سوريا، وحذّر من الثمن المطلوب دفعه للسوريين من دون مقابل، رافضاً ربط مواقفه تجاه دمشق بالموقف الاميركي الرافض للمسار السوري، فيما أعلن وزير الدفاع عمير بيرتس، أن مساعدة سوريا في إطلاق الجندي المخطوف جلعاد شاليط قد تؤدي إلى استئناف المفاوضات السياسية بين سوريا وإسرائيل.
ورفض اولمرت، خلال رده على أسئلة أعضاء لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، الذين اجتمعوا معه الاثنين الماضي، وكشفت صحيفة «هآرتس» تفاصيلها أمس، رؤية بعض اليسار الاسرائيلي الداعية الى إجراء مفاوضات مع الرئيس بشار الأسد. وقال متهكماً، رداً على سؤال طرحه رئيس حزب «ميرتس» يوسي بيلين: إن «لدى اليهود والإسرائيليين إغراء، فنحن بحاجة ماسّة إلى كلمات الحب من القادة العرب، وهي جزء من الجينات اليهودية والإسرائيلية التي نحملها، وإذا قال الاسد بضع كلمات فإننا نتحمس ونندفع بطريقة تضر مصالحنا، وإذا أراد الأسد سلاماً فإنه يريد مقابله، ومن الواضح أنه يريد الانسحاب الى خطوط عام 1967».
وعلّل اولمرت رفضه السلام مع سوريا بأنه لا يعتقد بأن تغييراً سيطرأ على تصرفات الرئيس السوري من دون اتفاق سلام معه وإعادة هضبة الجولان إليه. وقال: «لنفترض أننا تخلّينا عن الجولان، فهل سنحصل على باقي عوامل المعادلة، هل ستقطع سوريا علاقاتها بطهران، وهل ستطرد قادة الإرهاب من دمشق أو توقف إرسال السلاح لحزب الله؟ إذا أعدنا الجولان، فهل سننقلهم الى سياسات معتدلة ويأتي الخلاص لصهيون ويزول حزب الله ويختفي خالد مشعل؟».
ورفض اولمرت الادعاءات التي تربط رفضه إجراء محادثات مع سوريا بمنعه اميركياً من التوجه الى المسار السوري. وقال «لم أسمع من أي طرف اميركي جادّ دعوة إلى عدم الاقتراب من سوريا، ولم يقل لي أحد أن أفعل هذا الأمر أو ذاك، ولا ضغط علينا في هذه القضية، وأنا أتحمل المسؤولية عن ذلك، ولا أتقاسمها مع أحد».
وأضاف أولمرت «اذا تحدثنا مع عرّاب (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد) مشعل فسيطلب منا كل الزعماء الاوروبيين التحدث مباشرة مع مشعل ومع (رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل) هنية، وبالتالي من سيسمح لنا بمقاطعة حماس بسبب رفضها الاعتراف بإسرائيل؟». واستشهد أولمرت بموقف الاميركيين من سوريا، الذين قدموا، بحسب قوله، «إغراءات للأسد ولديهم اكثر بكثير مما لدينا، فعلى ماذا حصلوا في المقابل؟. علينا أن نتأكد أن هناك ماء في البركة قبل القفز إليها».
ونقلت صحيفة «معاريف» أمس، مواقف لوزير الدفاع الاسرائيلي عمير بيرتس تظهر اختلافاً في الرؤى ووجهات النظر مع اولمرت تجاه تحريك المسار السياسي مع سوريا. وقالت الصحيفة إن «وزير الدفاع عمير بيرتس ألمح أخيراً الى وسيط أوروبي أن المساعدة (السورية) على اطلاق جلعاد شاليط قد تؤدي إلى استئناف المفاوضات السياسية بين سوريا وإسرائيل».
وأضاف بيرتس، بحسب الصحيفة نفسها، أن «الضغط السوري على قيادة حماس الموجودة في دمشق لإنهاء قضية شاليط، هو من الخطوات التي يمكنها أن تحوّل سوريا، من ناحيتنا، إلى شريك، كما أنه محفّز على إطلاق مفاوضات سياسية بين سوريا وإسرائيل».
وشدّدت الصحيفة على أن «رسالة» بيرتس إلى السوريين لها معانٍ خاصة وتكتسب اهمية لكون «الوسيط (الاوروبي) لديه اتصالات كثيرة مع القيادة السورية وبالتأكيد يمكن إيصال الرسالة الى دمشق».
واستصرحت الصحيفة مصادر في مكتب اولمرت عن انعكاسات المساعدة السورية المفترضة في إطلاق شاليط. وقال أحد هذه المصادر: «اذا ساعدت سوريا في ملف شاليط فسيؤدي ذلك الى تحسين مزاج اسرائيل، لكن المسافة بعيدة بين ذلك وبدء محادثات سياسية، وهو خيار غير وارد حالياً».
وقال مصدر مقرب من اولمرت تعليقاً على «رسالة» بيرتس إلى السوريين: إن «اسرائيل غير معنية بإجراء مفاوضات مع سوريا لأن الثمن واضح والمقابل صفر، ولوزير الدفاع أن يقترح أفكاراً، لكن عليه أن يتذكّر أن من يقرر هو رئيس الحكومة، ومن دون موافقته لن تكون محادثات سياسية مع سوريا».