محمد بدير
أولمرت وبيرتس يتحفظان... والنواب العرب يردون: أم الفحم والطيبة أصليتان أكثر من مولدوفا ونكديم

بعد دعوته إلى اعتماد النموذج الروسي لمعالجة الوضع الأمني في قطاع غزة، عثر وزير «التهديدات الاستراتيجية» الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، على نموذج جديد رأى أن تبنيه يقود إلى حل «مشكلة» فلسطينيي الداخل، وهو النموذج القبرصي. ورغم عاصفة الانتقادات التي أثارتها تصريحات ليبرمان القائمة على الفصل العنصري بين العرب واليهود، لم يتورع زعيم «إسرائيل بيتنا» عن تكرارها، مشدداً على عنصر «التجانس» القومي اليهودي في دولة إسرائيل.
وفي تصريحات مفعمة بالعنصرية والدعوة المبطّنة إلى الترانسيفير، رأى ليبرمان، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «صاندي تلغراف» البريطانية ونشرت أمس، أن فلسطينيي 48 «مشكلة»، ودعا إلى «فصلهم عن دولة إسرائيل» التي قال «إننا أنشأناها كدولة يهودية وأرغب في أن تبقى دولة يهودية».
وحاول ليبرمان أن يُلبس طرحه العنصري لبوساً براغماتياً وإنسانياً مقبولاً، فأوضح أن «الأقليات هي المشكلة الأكبر في العالم، والنموذج الأفضل هو قبرص، حيث عاش اليونانيون والأتراك معاً قبل عام 1974، وكانت هناك صدامات وسفك دماء وأعمال إرهاب. لكن بعد عام 1974 أقيم نظامان، واحد تركي والآخر يوناني، فاستتب الأمن وعمّ السلام». وعندما أوضحت الصحيفة نفسها حقيقة أن الآلاف من الطرفين أجبروا على ترك بيوتهم، وافق ليبرمان على ذلك مستدركاً بالقول إن «النتيجة النهائية كانت أفضل».
وعمّم ليبرمان فكرته حول الفصل العنصري لتشمل العرب واليهود في كل فلسطين، معتبراً ذلك «أفضل طريقة للتوصل الى سلام في الشرق الأوسط». ورأى أن «سبب الصراع المتواصل في المنطقة ليس احتلال الأراضي الفلسطينية، وليس المستوطنات، بل الاحتكاك بين شعبين (الإسرائيلي والفلسطيني)، وفي كل مكان في العالم فيه شعبان وديانتان، هناك احتكاك وصراع، وليس مهماً إذا كان الحديث عن منطقة القوقاز في روسيا أو في ايرلندا الشمالية حيث الصراع بين البروتستانت والكاثوليك مستمر منذ 600 أو 700 عام». أضاف «إننا نعرف العديد من الأمثلة من التاريخ المعاصر، وهناك ثمانية أمثلة على الأقل تتعلق بتبادل أراض وسكان، وليس مهماً ما إذا كان هذا في مثلث بلغاريا وتركيا وإيران أو في قبرص».
ورغم الانتقادات وردود الفعل العنيفة التي أثارتها تصريحاته، عاد ليبرمان وكرر ما قاله للصحيفة البريطانية لإذاعة الجيش الإسرائيلية، حيث شدّد على أهمية «اللجوء إلى تبادل للأراضي وجزء من السكان العرب (مع السلطة الفلسطينية) لتكون لنا دولة يهودية أكثر تجانساً».
وقال أحد مستشاري ليبرمان، تعقيباً على تصريحاته للصحيفة البريطانية، إن «ليبرمان لم يقصد وجوب طرد العرب مواطني دولة إسرائيل، لكن إذا أرادوا البقاء فيها فعليهم أن يؤدوا يمين الولاء لإسرائيل كدولة يهودية وصهيونية». وتحفّظ كل من رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، ووزير الدفاع، عمير بيرتس، على تصريحات شريكهما الحكومي الجديد، فقال الأول إنها «لا تعكس آرائي ولا موقف الحكومة، وليبرمان يعرف ذلك»، فيما رأى الثاني أنها «تؤدي إلى اهتياج لا حاجة إليه وعلى الحكومة التنديد بها».
ودان وزراء حزب العمل تصريحات زميلهم «للتهديدات الاستراتيجية»، فرأى وزير السياحة، إسحق هرتسوغ، أنها «غير مقبولة»، مشيراً إلى أن «كل الذين يعرفون الترتيبات في قبرص يدركون أنها لا يمكن أن تطبق في إسرائيل». وقال هرتسوغ إن وزراء حزب العمل عقدوا لقاءً اليوم وطالبوا رئيس الوزراء بإجراء «استيضاح معمّق» مع ليبرمان وأن «يتخذ موقفاً واضحاً من تصريحاته».
وكان لأعضاء الكنيست العرب النصيب الأوفر من الردود على ليبرمان، فدعا بعضهم أولمرت إلى إقالته على الفور. وقال طلب الصانع، من الحزب الديموقراطي العربي، «إن تصريحاته العنصرية تدفع بنا نحو نظام تمييز عنصري»، فيما رأى أحمد الطيبي أنها «تشكل دعوة إلى التطهير العرقي». وقال الطيبي إن «العرب هم ملح الأرض وليبرمان محتل»، مضيفاً إن «أم الفحم والطيبة (داخل الخط الأخضر) أصليتان أكثر من مولدوفا ونكديم» في إشارة إلى المستوطنة التي يسكن فيها ليبرمان في الضفة الغربية.
أما محمد بركة فأشار من جهته إلى أنه «حتى أسبوع مضى كانت تصريحات ليبرمان هذه لعضو كنيست، أما اليوم فهي لنائب رئيس الوزراء»، في إشارة إلى المنصب الثاني الذي يشغله ليبرمان إلى جانب كونه وزيراً. ورأى بركة أنه «إذا لم يكن هناك رد من جانب أولمرت فهذا يعني أن أقوال ليبرمان هي موقف حكومة أولمرت».
في المقابل، أعرب عضو الكنيست أوري أريئيل، من حزب الاتحاذ القومي اليميني المتطرف، عن تأييده لليبرمان. وقال إن «تصريحات ليبرمان صحيحة وعادلة والآن بعدما انضم إلى الحكومة يبقى أمامه فقط أن يطبّق مخططاته من أجل معالجة هذا الخطر» في إشارة الى فلسطينيي 48.