محمد بدير
يبدو أن المزاج الشعبي في إسرائيل يتطابق تماماً مع المزاج السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود اولمرت، إزاء الموقف من السلام مع سوريا، ومن دعوات الرئيس بشار الأسد إلى إحياء المسار التفاوضي بين الدولتين على أساس إعادة هضبة الجولان. بيد أن المفارقة تكمن في أن هذا التطابق يترافق مع انعدام ثقة غالبية الإسرائيليين بقدرة أولمرت على قيادة السياسة الأمنية، التي قد تؤدي إلى نشوب حرب مع سوريا.
فقد أظهر استطلاع الرأي الذي يجريه شهرياً مركز «تامي شتاينمتس لأبحاث السلام» في جامعة تل أبيب بعنوان «مقياس السلام»، أن غالبية كبيرة في الجمهور اليهودي (68 في المئة) تقدر أنه لن يكون هناك سلام بين إسرائيل والعرب خلال السنوات المقبلة.
وحسب ما تُظهره المعطيات، فإن هذا التشاؤم لم ينشأ في الآونة الأخيرة، لأسباب مثل صعود حماس إلى السلطة، وتواصل إطلاق صواريخ «القسام» وحرب لبنان، بل إنه بدأ بالتبلور قبل ست سنوات، في أعقاب فشل مؤتمر كامب ديفيد وبدء الانتفاضة الثانية.
وهكذا يظهر أن نسبة الذين يعتقدون بإمكان فرص السلام مع سوريا تبلغ 18 في المئة، في مقابل 63 في المئة لا يعتقدون بذلك. ويبدو أن عدم الاعتقاد بفرص السلام مع سوريا يرتبط بالمعارضة الحاسمة والمستقرة من قبل غالبية الجمهور اليهودي (67 في المئة) لصيغة اتفاق السلام الكامل في مقابل الانسحاب الكامل من هضبة الجولان، التي لا تؤيدها سوى نسبة 16 في المئة.
وهذه المعارضة قائمة حتى لو توجه الأسد، بشكل علني، إلى الجمهور في إسرائيل معلناً عن رغبته في سلام كامل، ( 62 في المئة)، رغم التقدير السائد (51 في المئة) بأنه من دون اتفاق سلام، عاجلاً أو آجلاً، ستندلع حرب بين إسرائيل وسوريا.
كان يمكن، بحسب الاستطلاع، توقع وجود صلة وثيقة بين تقدير فرص الحرب بين إسرائيل وسوريا والموقف إزاء صيغة السلام في مقابل الانسحاب، لكن يتبين أن هذه الصلة غير حاسمة، إذ إنه من بين الذين يعتقدون أن الوضع القائم سيستمر لسنوات، فإن نسبة المؤيدين لانسحاب كامل من هضبة الجولان في مقابل اتفاق سلام كامل اقتصرت على 21 في المئة من المستطلعين، بينما بلغت نسبة المعارضين 70 في المئة.
وعلى خلفية هذه المشاعر، يمكن، بحسب المسؤولين عن إجراء الاستطلاع، فهم انعدام الثقة الجارف الذي ظهر إزاء قدرة وزير الدفاع عامير بيرتس (2 في المئة)، ورئيس الحكومة ايهود أولمرت (6 في المئة)، على قيادة السياسة الأمنية الإسرائيلية، وكذا المُعطى الذي يفيد بأن عدد الراضين بضم أفيغدور ليبرمان إلى الحكومة بصفة وزير مسؤول عن التهديد الاستراتيجي، يتفوق بوضوح على عدد غير الراضين بهذه الخطوة، وأن نسبة الذين يعتقدون بأن ضمه سيُعزز الأمن القومي تزيد بشكل ملموس على نسبة الذين يعتقدون أن انضمامه سيُضعف الأمن القومي.