مهدي السيد
حظيت الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، التي أدت إلى فوز الديموقراطيين، باهتمام كبير من قبل الأوساط الإسرائيلية، نظراً للتغيرات التي قد تفرضها على الاستراتيجية السياسية والأمنية لسياسة الإدارة الأميركية الحالية ورئيسها جورج بوش، ولا سيما في المسائل المتعلقة بالوضع في العراق، وبالوضعين السوري والفلسطيني، وتأثير ذلك على الدولة العبرية.
وأشار مراقبون إسرائيليون إلى أن التغيير في تركيبة الكونغرس الأميركي لن تؤثر بأي حال على الدعم الأميركي التقليدي لإسرائيل، رغم إمكان تأثر الدولة العبرية بالتغييرات في السياسية الأميركية المتبعة في الشرق الأوسط.
وقالت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، إن «التغيير في الكونغرس الأميركي لن يمس الدعم التقليدي للولايات المتحدة لإسرائيل، الذي يتشارك فيه الحزبان، ولكن يمكن أن تكون له آثار هامة على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، ستؤثر على وضع إسرائيل الاستراتيجي». ورأت الصحيفة أن هذه التغييرات تضفي أهمية على زيارة إيهود اولمرت إلى واشنطن الأسبوع المقبل.
ورأت «هآرتس» أن المسألة الأهم على جدول الأعمال الأميركي ستكون حل الورطة في العراق. وهنا حذرت الصحيفة من تسرع الإدارة الأميركية في الخروج من هذا البلد لأن من شأن ذلك «أن يؤدي إلى تفكيك الدولة العراقية وخلق فوضى وحرب الجميع على الجميع، وهو ما سيقود إلى تصدير الإرهاب لكل أرجاء الشرق الأوسط وتهديد إسرائيل والأنظمة العربية المعتدلة».
والمسألة الثانية التي قد تؤثر على إسرائيل تتعلق بسياسة بوش تجاه إيران، حيث نبهت الصحيفة إلى خطورة أن «تلقي صراعات القوى السياسية بين الإدارة والكونغرس بثقلها على معالجة التهديد الوجودي لإسرائيل، وخطر وقوع المنطقة بكاملها تحت تأثير النظام الإسلامي في طهران».
وبالنسبة للحلبة الفلسطينية، قالت «هآرتس» إن بوش يمكنه أن يعتمد على تأييد الكونغرس الديموقراطي وعلى إسناد من الدول العربية المعتدلة، من أجل الوفاء بوعده إقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل انتهاء ولايته. وبحسب «هآرتس»، فإن «لدى بوش فرصة لأن يبدي مبادرة ودوراً أكبر ويطرح مطالب على الطرفين، لقد حان الوقت لأن تبذل الإدارة الأميركية جهداً آخر في النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطيني أيضاً وتفكر مرة أخرى أيضاً بالوساطة بين إسرائيل وسوريا».
بدوره، تطرق اليكس فيشمان، في «يديعوت أحرونوت»، إلى تداعيات نتائج الانتخابات النصفية، فقال إن بوش أصبح الآن «مضطراً لاتباع سياسة ثنائية الحزب قائمة على أساس التفاهم مع الديموقراطيين مثل العمل البناء في الشرق الاوسط والخروج من سياسة اللامبالاة». وهذا الهدف يتطلب من الأميركيين، بحسب فيشمان، السعي الى التدخل وتهدئة الامور وتليين الموقف مع السوريين وحتى مع «حماس».
ويرى فيشمان أن «المغزى السياسي للسياسة الحزبية المزدوجة واستراتيجية الانسحاب من العراق هي أن الادارة الأميركية قد تتخلى عن النظرية السائدة التي تركز على عدم الاعتراف بحكومة «حماس» والسعي الى اسقاطها منتقلة ــ من دون أن تعلن عن ذلك ــ الى الاعتراف غير المباشر بها. هذه المسألة كانت بمثابة خط احمر حتى اليوم، أما الآن فقد تتغير الاحوال، وهذا ما سيسمعه اولمرت في واشنطن».
ويعتقد فيشمان أن بوش سيقترب من الموقف الاوروبي، وأن سياسة أميركا السلبية تجاه الصراع الاسرائيلي ــ الفلسطيني ستتغير على ما يبدو، وأن ثمة شكاً في اذا ما كانت اسرائيل ستحصل على المزيد من الضوء الاخضر الاوتوماتيكي لتنفيذ عمليات هجومية مثل «غيوم الخريف».
وركز ناحوم برنياع، في «يديعوت أحرونوت»، على حقيقة عدم خسارة إسرائيل جراء خسارة الجمهوريين، بناء على معلومات استقاها من سفير إسرائيل السابق لدى واشنطن، داني أيلون.
وبحسب أيلون «لم يتغير الكثير بالنسبة لاسرائيل، القيادة الجمهورية في مجلس النواب أيدت اسرائيل بحماسة، والقيادة الديموقراطية التي ستحل محلها ستكون ودية بالمقياس نفسه، من نانسي بلوسي وما تحتها». واضاف: «الشيء نفسه يُقال عن اللجان. هنري هايد كان على رأس لجنة الخارجية، وهو من اصدقاء اسرائيل. أما الديموقراطي الأبرز في اللجنة، توم لانتوس، فهو الذي كان يحدد مسار الامور فيها، وهو يهودي من الناجين من الكارثة. لانتوس سيُعين الآن رئيساً للجنة الخارجية. أما لجنة المخصصات فقد كان على رأسها جون لويس، وهو صديق لاسرائيل، وسيحل محله ديفيد اوبي، وهو معجب كبير بشمعون بيريز».
ويضيف ايلون إن «اللجنة الهامة لاسرائيل هي لجنة المخصصات لشؤون الشرق الاوسط حيث سنحصل هناك على نيتالي (وهي يهودية من منهاتن) بدلاً من جيم كولبي. أما بالنسبة لمنطقتنا، فالديموقراطيون سيغيرون الاسلوب لا النتائج. نحن ندخل في المرحلة التمهيدية الأخيرة لانتخابات الرئاسة في عام 2008، واسرائيل ستكون موضوعاً يرغب كل مرشح في التودد اليه».
بكلمات اخرى، يجمل برنياع التغييرات في الأسماء، فقد حصلت اسرائيل في مجلسي النواب والشيوخ على مقاعد عميقة. يقول: «اذا حدثت المساوئ والشرور فلن تهب من هناك»، مشيراً إلى أن «كلير مكاسكيل من ميسوري، هي احدى مفاجآت الانتخابات، حيث فازت على السيناتور جيم تالنت، من مقربي بوش. لكن مجلة «سلايت» نشرت تفصيلاً لمواقف المرشحين وفقاً لبنود محددة. وقد اختصرت السياسة الخارجية لمكاسكيل بكلمة واحدة: اسرائيل».