يحيى دبوق
ملفات كثيرة يحملها رئيس الوزراء الإسرائيلي
إيهود أولمرت معه إلى واشنطن، بعد التغييرات التي أحدثتها الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، ولعل أبرزها الحصول على تعهد جديد من الإدارة الأميركية بـ«حماية أمن إسرائيل»


استهل رئيس الوزراء الإسرائيلي أمس زيارته إلى واشنطن بمجموعة مواقف من لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والعراق وإيران، مشيراً إلى أن العدوان على لبنان «شكل نجاحاً عسكرياً واستراتيجياً وسياسياً»، وألمح إلى احتمال استهداف المنشآت النووية الإيرانية، في حال فشل الخيار الديبلوماسي.
وقال اولمرت، عشية لقائه مع الرئيس الأميركي جورج بوش اليوم الاثنين، «هذا هو الوقت المناسب لتبادل الآراء مع الرئيس (جورج بوش) بشأن ما هو متوقع في العامين المقبلين من ولايته في قضايا تحظى باهتمامنا واهتمام أميركا»، مضيفاً إن «الموضوع الرئيسي سيكون الشرق الأوسط والقضية الإيرانية».
وتطرّق أولمرت، في مقابلته مع صحيفتي «واشنطن بوست» و«نيوزويك»، إلى الموضوع الفلسطيني، وشدد على «أن الحكومة الإسرائيلية لن تغيّر من سياستها تجاه الفلسطينيين في اعقاب انضمام رئيس حزب إسرائيل بيتنا اليميني، افيغدور ليبرمان، الى الحكومة وعبر عن استعداده لتسوية اقليمية».
وأشار مصدر سياسي اسرائيلي رفيع المستوى إلى أن اولمرت سيطلب التأكيد على ان تواصل واشنطن التمسك «بمبادئ الرباعية»، مطالباً كل حكومة فلسطينية بالاعتراف بإسرائيل واحترام الاتفاقات السابقة والتخلي عن العنف.
وشرح أولمرت أسباب تخليه عن خطة «التجميع» في أعقاب العدوان على لبنان، بالقول: «قبل الحرب قلت للجمهور إنني سأحاول، في المرحلة الأولى، البدء بعملية سياسية على أساس خريطة الطريق، مع القيادة الفلسطينية الشرعية. وإذا لم ينجح ذلك، فسنتحول إلى الانسحاب
أحادي الجانب».
وأضاف أولمرت: «أما بعد الحرب في لبنان وإزاء فشل الفلسطينيين في منع العمليات على إسرائيل، لم أعد متأكداً بعد من إمكان تحقيق رؤية دولتين بواسطة انسحاب أحادي الجانب». لكنه أشار إلى أن لديه «أفكاراً ثانية عن القدرة على تحقيق حل الدولتين»، وإلى إن «خطة التجميع بالتأكيد لم تمت، وإنما يجب فحصها من جديد».
وتعهّد أولمرت أنه « لن يتراجع، في كل الأحوال، عن محاولات خلق حوار جدي مع الفلسطينيين». وأضاف: «أنا مستعد لحلول وسط اقليمية، ولكن لم أغيّر موقفي».
وعن مدى استعداده للتعامل مع حكومة وحدة وطنية فلسطينية، قال أولمرت: «إن ذلك سيتم وفقاً لمقياس واحد، فقط، هو هل ستقبل حماس رسمياً بشكل فعلي، وليس فقط نظرياً، بمبادئ اللجنة الرباعية ــ الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، ووقف كل الأنشطة الإرهابية والمعادية ضد إسرائيل والاعتراف وتنفيذ كل الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية». وتابع: «وفي هذه الحال سأكون مستعداً للجلوس والبحث مع مثل هذه الحكومة حتى لو كانت تضم ممثلين عن حماس».
واستبعد أولمرت إطلاق سراح أمين سر حركة «فتح» في الضفة الغربية مروان البرغوثي، موضحاً في الوقت نفسه أنه سيكون مستعداً لإطلاق سراح «الكثير الكثير» من الأسرى. وأضاف: «لقد أوضحت قبل وقت طويل أنني متحمس لفتح حوار مع أبو مازن ومن أجل هذا الهدف أنا مستعد لإطلاق سراح أسرى كثيرين، لكن موقف حماس العنيد يمنع إطلاق سراح أسرى، لأنهم يرفضون إعادة الجندي المخطوف جلعاد شاليط وهم في الحقيقة ليسوا مهتمين بأسراهم».
ورغم لجان التحقيق والاستقالات والإقالات والاتهامات المتبادلة والإقرار المباشر وغير المباشر بفشل العدوان على لبنان، إلا أن أولمرت يرى أنه شكَّل «نجاحاً استراتيجياً وعسكرياً وسياسياً». واستدل بذلك على أن إسرائيل كانت قبل الحرب «تنقصها قوة الردع». وأشار إلى «أن حزب الله بدأ الحرب لأنه لم يُقدر رد فعلنا»، وتابع: «أما الآن ففي حال سألت (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله إذا كان يريد فتح حرب، فبالتأكيد سيقول لا».
وادعى أولمرت، استناداً إلى مصادر لم يحدد هويتها، بأن «حزب الله كان قريباً من استسلام تام»، خلال فترة الحرب. ورأى «أن انتشار الجيش اللبناني في الجنوب إلى جانب تعزيز قوات اليونيفيل، يشكل تغييراً جدياً، ويخلق واقعاً مختلفاً عما كان قبل 12 تموز».
ومن مزايا العدوان على لبنان، بنظر أولمرت، أنه كشف أن هناك «مصالح مشتركة بين إسرائيل ودول عربية معتدلة»، مضيفاً: «لدينا علاقات صداقة حميمة مع الأردن ومصر. وفي الفترة الأخيرة لدي انطباع جيد من سياسة ملك السعودية وقادة الإمارات». وذهب إلى حد التقدير بأنهم في الجانب العربي بدأوا يدركون «في نهاية الأمر، بأن محور الشر المكون من إيران وسوريا وحزب الله وحماس لا يشكل خطراً فقط على إسرائيل بل على الدول العربية ايضاً. والموقف الذي اتخذوه بالنسبة للحرب (على لبنان) كان شجاعاً».
وكرر أولمرت مواقفه المعروفة من دعوات الرئيس السوري بشار الأسد للتفاوض بأنه سيكون مسروراً بالحوار مع الأسد «لكن شرط أن يتوقف عن دعمه لحماس وحزب الله، إلا أن الأسد لا يبدي أي إشارة إلى أنه على استعداد لذلك».
وفي الملف الإيراني، قال أولمرت إن على الشعب والحكومة في إيران أن يفهما «أنهما إذا لم يقبلا بمطالب المجتمع الدولي فسيدفعان ثمناً غالياً». وعندما سئل عما إذا كان لا يستبعد تنفيذ عملية عسكرية، أجاب: «أنا أعتقد أن كلامي واضح بما فيه الكفاية».
وعن المخارج المحتملة من هذه الأزمة، قال أولمرت إنه «إذا كانت هناك تسوية تمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، فسنؤيدها»، لكنه استبعد أن يقبل الإيرانيون بتسوية كهذه إلا «إذا كان لديهم سبب كاف للخشية من أبعاد عدم قبولهم» بمعنى أن «على إيران أن تبدأ الخوف». وعبّر أولمرت عن ثقته بمعالجة الرئيس الأميركي لهذه القضية وبتعهداته، موضحاً أنه «لا حاجة للتباحث في الموضوع مع بوش خلال الجلسة المرتقبة، لأن بوش هو آخر رجل يجب تذكيره بالحاجة لوقف (المشروع النووي) إيران».
وحذَّر اولمرت من انسحاب القوات الأميركية من العراق «قبل الموعد وقبل أن يكون في العراق سلطة قوية»، داعياً الولايات المتحدة إلى «دراسة أبعاد ذلك على الجيران المعتدلين للعراق وكيف سيؤثر ذلك على استقرارهم، أمام القوى المتطرفة التي يمكن أن تنمو في العراق بعد الانسحاب».
وأقرّ أولمرت ضمنياً بتأثير ما لسيطرة الديموقراطيين على مجلسي الكونغرس، وقال «إن من المبكر حتى الآن التقدير كيف ستؤثر الانتخابات على المسارات في العراق»، لكنه شدد على أن الموقف الأميركي تجاه إسرائيل لن يتغير.