مهدي السيد
اهتم معلّقو الشؤون العربية في الصحف الاسرائيلية الصادرة أمس بتعثر جولات التشاور في لبنان وما أعقبها من استقالة لوزراء حزب الله وحركة «أمل»، وتفاوتت قراءة وتحليل هؤلاء المعلقين، رغم أنهم رشحوا الأزمة الى مزيد من التفاقم والتأزم.
وكتب معلق الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»، تسفي برئيل، أن «هناك عاملين يمكنهما أن يمنعا استعراض القوة في الشارع في الأيام القريبة المقبلة، وهما السعودية وايران»، ذلك أن «لدى السعودية تأثيراً على الغالبية في الحكومة، وعلى رئيسها فؤاد السنيورة وعلى (النائب) سعد الحريري، في مقابل ايران التي لديها تأثير على حزب الله وحركة أمل»، مسقطاً من دائرة التأثير سوريا، على غير عادة المعلقين الإسرائيليين لدى تناولهم الشأن اللبناني. ورأى برئيل إمكان تفاقم الأزمة الحالية، وكتب يقول «من المحتمل أن يخرج حل الأزمة من أيدي السياسيين اللبنانيين وينتقل الى الدول ذات النفوذ، التي ستضطّر الى المسارعة لإيجاد حل وسط».
وخلال تحليله لمسار الأزمة، ربط برئيل بينها وبين العدوان الأخير على لبنان، وبينها وبين المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، إذ رأى أن «نقطة انطلاق الأزمة بدأت بعد انتهاء الحرب، لكنها كانت تشتد كلما قرب موعد اقرار المحكمة الدولية»، رغم أن الكاتب عاد واستدرك أن «المحكمة الدولية ليست سوى مبرر يخفي السبب الحقيقي للأزمة التي بادر اليها حزب الله، ذلك أن طموحه هو في تأليف حكومة جديدة تستند الى ائتلاف شيعي مع حزب ميشال عون المسيحي وإبعاد (النائب وليد) جنبلاط والحريري عن دائرة النفوذ».
ويتابع برئيل أن «الهدف (لدى حزب الله) هو استمرار ولاية (الرئيس إميل) لحود وتولية رئيس جديد موال لسوريا بعد انتهاء الولاية الحالية، فـ(الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله يستند الى انتصار سيحققه في الانتخابات (النيابية) إذا لم تلب مطالبه، الامر الذي يعني تحولاً مفاهيمياً جديداً من خلال نقل نفوذ حزبه الى السلطة عبر أساليب سياسية بدلاً من الأساليب العسكرية».
وفي تقدير معلق «هآرتس»، فإن «نصر الله، سواء لبى السنيورة ومجموعته مطالبه أم لا، أو جرت تبعاً لذلك انتخابات (نيابية)، يمتلك نقاط قوة يمكنه من خلالها تأخير مسارات حيوية» في لبنان، وأجْملَها بثلاث نقاط جاءت كالتالي: «عرقلة اجتماع الدول المساهمة في ترميم لبنان، الذي لا يمكنه ان ينعقد في حال غياب حكومة مسؤولة؛ وتجميد القرار حول المحكمة الدولية؛ ولاحقاً، تحديد شروط جديدة لتنفيذ القرار 1701 ونزع سلاح حزب الله».
أما معلق الشؤون العربية في صحيفة «معاريف»، جاكي حوغي، فحاول من جهته تفسير الأزمة اللبنانية الحالية وشرح مسار الأحداث التي أوصلت اليها، فرأى أن رئيس الحكومة فؤاد «السنيورة كانت لديه فرصة نادرة لتقليص قوة حزب الله عبر الدفع باتجاه التدخل الأجنبي والمجيء بقوات دولية الى جنوب لبنان، الأمر الذي ضيّق على خطوات نصر الله، وتشخيصه للسنيورة كعدو»، مضيفاً إن «حزب الله اعتبر السنيورة خائناً ووجه اليه تهديدات وبدأ بتنفيذ خطة لإطاحته».
وعلى عكس ما ذهب اليه معلق صحيفة «هآرتس»، رأى حوغي أن الأزمة ترتكز الى الغبن الذي يلحق بالطائفة الشيعية في لبنان ومكانتها في النظام السياسي، فقال «لن يرضى الشيعة، وهم الطائفة الأكبر (في لبنان)، أن يُبعدوا عن عملية صنع القرار في فترة حساسة كهذه، وبالتالي انتقلوا (الشيعة) الى المرحلة باء، ووضعوا المسدس في رأس السنيورة: إما حكومة موسعة، أو خروج من اللعبة والنزول الى الشارع»، مشدداً على أن «للشارع قواعد يعرفها كل لبناني»، في اشارة الى إمكان تدهور الأوضاع الأمنية.
وختم حوغي قراءته للأزمة بالقول إن «الصراع لن يتوقف، وهو جزء من معركة تديرها الطائفة الشيعية منذ سنوات لاحتلال مواقع أكثر» في الحكم اللبناني.