محمد بدير
استعاد رئيس الأركان الإسرائيلي، دان حالوتس، أنفاسه، التي خطفتها أول من أمس حملة الدعوات المطالبة باستقالته، وبدا أنه استفاد من حملة مرتدة وفّرتها له على وجه الخصوص مواقف داعمة من رئيس الوزراء ايهود أولمرت ووزير الدفاع عامير بيرتس، اللذين أعربا عن تأييدهما له، في ظل أنباء تسربت إلى الإعلام تتحدث عن تربصهما به وتحفظهما على بقائه في منصبه.
فبعدما خلّف امتناع أولمرت عن الإجابة عن أسئلة الصحافيين في واشنطن حول موقفه من الدعوات المطالبة باستقالة حالوتس جواً مفاده أن رئيس الوزراء يتحفظ ضمنياً على بقائه في منصبه، بادر أولمرت أمس إلى إجراء اتصال هاتفي من واشنطن برئيس أركانه أكد فيه دعمه له، مشدداً على أن علاقات العمل بينهما ستبقى ممتازة.
وأعرب أولمرت، ومقربون منه، عن دهشتهم للعناوين التي تصدرت الصحف الإسرائيلية أمس وجاء فيها أن رئيس الوزراء يرفع دعمه عن حالوتس. وكان أولمرت رفض الرد ثلاث مرات على أسئلة صحافيين إسرائيليين يرافقونه في زيارته للولايات المتحدة عما إذا كان يساند حالوتس في ضوء الانتقادات الحادة التي يتعرض لها، مبرراً عدم الإجابة بالقول إنه لا يعرف من يقف وراء دعوات الاستقالة كما أنه لا يعرف ماذا جاء في تقرير ألموغ الذي حقق في عملية أسر الجنديين الإسرائيليين في عملية 12 تموز، ووجه انتقادات إلى القيادة العليا للجيش الإسرائيلي.
بدروه، خرج بيرتس عن صمته إزاء ما يواجهه رئيس أركانه من حملات وأطلق موقفاً صريحاً بدعم حالوتس وبقية ضباط الجيش، داعياً إلى «وقف رقصة الشياطين غير المسؤولة حول رئيس الأركان والجيش الإسرائيلي كله». وانتقد بيرتس، خلال جولة مشتركة قام بها مع حالوتس في قاعدة بيتسليم للتدريبات البرية جنوبي إسرائيل أمس، وسائل الإعلام الإسرائيلية لممارستها دور المراقب والقاضي والمنفذ في الحكم على أداء الجيش وضباطه، ودعا إلى انتظار نتائج التحقيقات التي تجريها اللجان المكلفة في إخفاقات الجيش، معتبراً أن «الجيش الإسرائيلي لم يسبق أن فحص وحقق مع نفسه كما يفعل اليوم». وأوضح بيرتس، الذي يعلم أن حملة الرؤوس المتدحرجة إذا وصلت إلى حالوتس فلن تتوقف عنده وقد تطاله هو شخصياًُ، أنه يعتزم «تقديم الدعم الكامل لرئيس الأركان والضباط والجنود». وقال «ليس لدينا ترف تبديد الوقت في نقاشات لا حاجة إليها... دعوا الجيش يقوم بعمله».
من جانبه، كرر حالوتس رفضه لدعوات ضباط كبار له إلى الاستقالة. وقال «إني أواجه ذلك بالعمل، فهناك من يتحدث وهناك من يعمل، ونحن في جانب العاملين».
وتواصلت أمس حرب الجنرالات المستعرة حول الموقف من بقاء حالوتس في منصبه. وانضم القائد السابق للمنطقة الشمالية، الجنرال يوسي بيليد، إلى المطالبين باستقالة رئيس الأركان، معتبراً أن استقالة قائد فرقة الجليل، غال هيرش، لا تحل مشكلة الوضع الخطير داخل الجيش.
في المقابل، انبرى جنرالات احتياط آخرون إلى مساندة حالوتس ودعوا إلى انتظار نتائج التحقيقات قبل الحكم عليه، محذرين من تداعيات ما يتعرض له رئيس الأركان وبقية الضباط على خلفهم في المنصب لجهة إمكان إحجامهم عن الفعل خشية التعرض للنقد نفسه.
وكانت الصحافة الإسرئيلية قد تحدثت أمس عن تبلور قناعات عند وزراء في الحكومة بأن على حالوتس تقديم استقالته لأنه يتحمل مسؤولية الفشل في العدوان على لبنان. ونقلت «هآرتس» عن بعض هؤلاء قولهم «لا يمكنه (حالوتس) أن يرمم الجيش لأنه منشغل بالدفاع عن نفسه، وهو يتسبب لجيش كامل بالغرق في حروب داخلية». أما «معاريف» فقد ذهبت إلى القول إن ثمة تقديرات بدأت تلقى رواجاً أكثر في محيط أولمرت بأنه لن يكون أمام حالوتس في نهاية المطاف أي خيار سوى «استخلاص العبر»، أي الاستقالة.
في هذا السياق، رفض بيرتس الدعوات التي تطالبه بترك حقيبة الدفاع لعدم ملاءمته لها. وقال، في مقابلة مع القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أجريت معه أول من أمس، «كلما تكشفت الحقائق، وكلما فحصنا الحرب، أثبتت الحقائق أن مساهمتي في الحرب كانت حاسمة، في نقاط حرجة جداً». ولم يكشف بيرتس عن تلك النقاط الحرجة، لكنه اعترف في اللقاء بقصور الجيش من ناحية الجاهزية والتدريب والأداء في الحرب التي كشفت برأيه «منظومة كاملة من الكوماندو الإيراني».