مهدي السيد
توقفت الصحف الإسرائيلية أمس عند التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمام الآلاف من سكان الضاحية الجنوبية ممن تضررت منازلهم جراء العدوان، معربة عن تساؤلها عما إذا كان توقيت الأزمة الداخلية اللبنانية محض صدفة.
وأشار مراسل الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»، يوآب شتيرن، إلى دعوة نصر الله أنصاره إلى عدم الخشية من حرب أهلية جديدة، ووعده بالحفاظ على الاستقرار. وإذ أشار شتيرن إلى تفاقم الأزمة السياسية في لبنان خلال الأيام الأخيرة في أعقاب استقالة وزراء أمل وحزب الله، اعتبر أن الخشية تسود لبنان الآن من مغبة حصول مواجهات بين الجهات المختلفة في الشارع.
بدوره، اعتبر حجاي هوبرمان، في صحيفة «هتسوفيه»، أن ثمة خشية كبيرة في لبنان الآن من فقدان السيطرة ومن انتقال الأزمة إلى الشارع ونشوء مواجهة سياسية ــ شعبية، من خلال تنظيم تظاهرات حاشدة، مشيراً إلى أن القليلين في لبنان متفائلون من امكانية حل الأزمة الداخلية.
وحذّر رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، والخبير في الشؤون السورية واللبنانية، البروفيسور إيال زيسر، من محاولة يقوم بها «حزب الله» لإعادة الوضع على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل إلى سابق عهده، أي إلى ما قبل 12 تموز 2006، إذا ما تفاقمت الأزمة السياسية في لبنان.
واعتبر زيسر، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن «توقيت الأزمة التي تفجّرت في لبنان لم يكن من قبيل الصدفة». وأضاف أن «خصوم حزب الله لا يسارعون إلى الخضوع ويعدون بأن يردوا الصاع صاعين، فأي تنازل لحسن نصر الله سيجعله ملك ملوك السياسة اللبنانية والرجل القويّ في لبنان».
وعن إمكانية تدهور الأمور نحو مواجهات داخلية، يعتقد زيسر أن «في الحقيقة نصر الله غير معنيّ بحرب أهلية، بل يريد الهدوء والاستقرار لكي يتمكن من ترميم حزبه. لكن نصر الله مراهن بطبعه. ولقد راهن في شهر تموز الماضي على عدم رد إسرائيل على أسر جنودها، لكنه فشل في رهانه، وها هو يراهن الآن على خضوع خصومه له في نهاية المطاف، لكن المشكلة تكمن في أن أيّاً من لاعبي البوكر اللبناني ليس لديه ما يخسره».
وبحسب زيسر، «كل تنازل لمطالب نصر الله يعني تسليمه السلطة في الدولة، وليس هذا ما سار لأجله (رئيس الحكومة فؤاد) السنيورة ورفاقه هذه الطريق الطويلة». وإذ رأى زيسر أنه ليس هناك ما يمنع التوصل إلى تسوية في اللحظة الأخيرة، أشار أيضاً إلى امكانية انزلاق الأزمة إلى حرب أهلية جديدة.
بيد أن ثمة ما يقلق إسرائيل جراء هذه الأزمة. وفي رأي زيسر «أن الخلاصات من هذه الأزمة واضحة بالنسبة إلى إسرائيل: أولاً، الحرب الأخيرة وقرار مجلس الأمن 1701 أديا إلى واقع هشّ ومتناثر في الحدود الشمالية، ومع أول تبادل لإطلاق النار في بيروت ستكون القوات الدولية المرابطة هناك أول من يغادر المنطقة. وثانياً، استعداد نصر الله لتحدي استقرار المنظومة اللبنانية يدلّ على أنه يشعر بثقة بنفسه، ومن الممكن اعتقاده بأنه استعاد قوته ومكانته التي خسرها في الحرب، من هنا يأتي الخوف من أن يحاول، عاجلاً أو آجلاً، أن يعيد الوضع على طول الحدود مع إسرائيل إلى سابق عهده، أي إلى ما قبل 12 تموز 2006. ذلك أن من يهدّد بحرب أهلية داخل لبنان لن يرتدع عن تجديد نشاطه ضد إسرائيل على طول الحدود».
وفي هذا السياق، أشارت «معاريف» إلى مخاطر عودة حزب الله إلى الحدود، فكتب مراسلها أمير بوحبوط يقول إنه «بعد أربعة أشهر بالضبط على شن حرب لبنان الثانية، وثلاثة أشهر على إعلان وقف النار، يبدو أن الأمور على الحدود الشمالية تعود شيئاً فشيئاً إلى الروتين الذي كان سائداً قبل الحرب». وأضاف «صحيح أن نحو 15 ألف جندي دولي ينتشرون الآن في أرجاء الجنوب اللبناني، لكن أعضاء حزب الله بلباس مدني عادوا إلى التجول على طول السياج الحدودي من دون أي عائق».