strong>محمد بدير
تواصل المؤسستان العسكرية والأمنية الإسرائيليتان تخبطهما في كيفية معالجة معضلة بلدة الغجر، الناجمة عن تقسيم الخط الأزرق إياهاإلى شطرين. وبانتظار أن تحسم الحكومة الإسرائيلية قرارها بهذا الشأن، عمل جيش الاحتلال على طرح ثلاثة اقتراحات للحل على طاولتها،أفضلها برأيه إخلاء الشطر الشمالي وتعويض سكانه مادياً، في مقابل نقلهم إلى الشطر الجنوبي من البلدة

ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أمس أن الجيش الإسرائيلي، في إطار سعيه إلى توفير مستوى أفضل من الأمن الحدودي في الشمال، يوصي بحل معضلة الغجر بالانفصال كلياً عن القسم الشمالي من البلدة ونقل السكان، الذين يقيمون في هذا القسم، إلى الجانب الجنوبي منها الواقع ضمن الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وفقاً للخط الأزرق، في شكل جديد من «الترانسفير» لم تختبره إسرائيل من قبل، باستثناء غزة!
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى، يشاركون في المفاوضات الجارية مع اليونيفيل والجيش اللبناني حول الوضع في البلدة، قولهم إن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من البلدة ويسمح بتقسيمها مجدداً عبر الخط الأزرق.
وأكد مسؤول إسرائيلي آخر هذا التوجه، قائلاً للصحيفة «لن ننسحب من الغجر (الشمالية) قبل التوصل إلى حل دبلوماسي طويل الأجل؛ فمن غير الواضح كيف سيتدبر الأهالي أمورهم عندما تقسم القرية إلى شطرين في دولتين غير متفقتين»، مشيراً إلى أن سكان الشطر الشمالي، «وبما أنه ليس جزءاً من إسرائيل»، يضطرون إلى الانتقال إلى القسم الجنوبي من القرية للحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية التي تؤمنها لهم الدولة الإسرائيلية باعتبارهم حاملي جنسيتها.
وادّعى المسؤول الإسرائيلي أن جيش الاحتلال لا يزال ماكثاً في الشطر الشمالي من الغجر للحؤول دون وقوع كارثة إنسانية فيه في حالة الانسحاب. وأضاف، محاولاً الاستدلال على صحة زعمه، «إذا أراد أحدهم إصلاح ثلاجة، فعليه أن ينقلها بواسطة جرار زراعي إلى الشطر الجنوبي. كما لا يسمح لسيارات الإسعاف والأطباء بالتواجد في الشطر الشمالي».
وبحسب «جيروزاليم بوست»، فإن نتائج المداولات الداخلية التي أجراها الجيش الإسرائيلي المكلف مباشرة من رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، بالتفاوض مع الجانب اللبناني حول وضع الغجر، أفضت إلى طرح ثلاثة اقتراحات أمام الحكومة الإسرائيلية تسمح بانسحابه من الجانب المحتل من البلدة.
ويقضي الاقتراح الأول، الذي يعارضه الجيش، بإعادة الوضع في المنطقة إلى ما كان عليه قبل شن عدوان تموز، أي الانسحاب من الشطر الشمالي من البلدة ليعود إلى السيادة اللبنانية من دون فاصل بين الشطرين.
أما الاقتراح الثاني، الذي يؤيده الجيش الإسرائيلي وتعارضه الحكومة والدوائر الدبلوماسية، فيدعو إلى بناء سياج محصن يضم الشطر الشمالي إلى الأراضي الإسرائيلية ويضع القرية «الموحدة» بكاملها تحت السيطرة الإسرائيلية.
والاقتراح الثالث «المرجح، والمفضل على الجيش»، بحسب الصحيفة، يقضي بإخلاء الشطر الشمالي من سكانه وتعويضهم عن منازلهم ونقلهم إلى الشطر الجنوبي وتأمين مساكن لهم فيه. وأشارت الصحيفة إلى أن عدد العائلات المقيمة في هذا الشطر، التي يملك أفرادها الهوية الإسرائيلية، يبلغ 400 عائلة. وأشارت الصحيفة إلى أن اقتراح إخلائهم يقوم على تطبيق «قانون التعويضات» عليهم، وهو القانون الذي أقرّه الكنيست في عهد الحكومة الثانية لأرييل شارون وحدد فيه طريقة تعويض المستوطنين الذين أُخلوا من قطاع غزة في إطار خطة «فك الارتباط» التي نفذت في شهر أيلول 2004.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين قولهم إن اليونيفيل والجيش اللبناني يطالبان الجيش الإسرائيلي بالانسحاب «الفوري» من الشطر الشمالي من قرية الغجر تطبيقاً للقرار 1701 الذي يدعو جميع أطراف النزاع إلى «احترام الخط الأزرق».
كما نقلت عن مسؤولين في اليونيفيل قولهم إنهم يبحثون مع ممثلي الجيشين الإسرائيلي واللبناني في «ترتيب أمني مؤقت» للشطر الشمالي من البلدة. وأشارت إلى أن اجتماعاً يضم ممثلين عن الأطراف الثلاثة سيعقد في غضون الأيام المقبلة على أمل التوصل إلى حل مؤقت، بانتظار قرار الحكومة الإسرائيلية النهائي حيال القرية.
وقال المتحدث باسم قوات اليونيفيل، ميلوس شتروغر، للصحيفة «نريد تطبيق إجراء أمني مؤقت في القرية لمنع الأحداث الأمنية داخلها وضمان أمن المدنيين».