strong>علي حيدر
أقر رئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود أولمرت بعدم إمكانية الحؤول دون استمرار إطلاق الصواريخ على اسرائيل بضربة خاطفة، وتعهد بمواصلة سياسة التصفيات بما يتناسب مع المعلومات المتوافرة، لكنه رفض، في الوقت نفسه، القيام بعملية عسكرية واسعة مشابهة لعملية السور الواقي في الضفة الغربية، في وقت بدأ فيه سكان مستوطنة سديروت يهجرونها، على دفعات بلغ عدد أولاها أكثر من ألف عائلة توجهت إلى السكن في فنادق إيلات.
وتباهى أولمرت، في حديث له مع الصحافيين المرافقين له أثناء عودته الى اسرائيل بعد زيارة الى الولايات المتحدة استمرت خمسة أيام، بقتل 360 فلسطينياً منذ شهر حزيران الماضي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه سيواصل العملية السياسية مع الفلسطينيين.
وانتقد أولمرت من يطالب بعملية سور واقٍ في قطاع غزة، مشابهة لتلك التي نفذت في الضفة الغربية عام 2002، مذكراً بأن «الإرهاب لم يتوقف أبداً في شكل كامل وهو مستمر حتى اليوم في الضفة أيضاً».
وقال أولمرت إن نشاطات جيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة «ستتواصل بما يتناسب مع المعلومات، والاستعداد للتمكن من تقليص إطلاق الصواريخ قدر الإمكان». واعتبر ان «هناك الكثير من الأفكار عن كيفية مواجهة إطلاق صواريخ القسام وعلينا أن نتذكر أن هذه الحرب لن تنتهي بضربة خاطفة».
واعتبر أولمرت «أنه لا مشكلة في قدرة الفلسطينيين على محاربة الإرهاب»، مشيراً إلى أن «كل النشاطات التي قاموا بها أو امتنعوا عنها غير مرتبطة بنا لأن لدى السلطة الآن قوة أكثر تسلّحاً مما كانت عليه في السابق لكنها لا تقوم باللازم». وتوقع من الرئيس الفلسطيني محمود عباس «موقفاً أكثر صلابة وأكثر تصميماً».
ورفض أولمرت الإفصاح عن تفاصيل المحادثات التي جرت بينه وبين الرئيس الاميركي جورج بوش، وقال «بما أن محادثاتي مع بوش كانت وجهاً لوجه، فمن غير المقبول أن أتطرق إلى تفاصيلها». ونفى في شكل ضمني ما نقلته وسائل إعلام اسرائيلية من أنه قدم إلى بوش خطة سياسية جديدة هي «التجميع بالتوافق»، معتبراً ان لديه وبوش «النظرة نفسها التي ينبغي وفقاً لها ان يكون هناك دولتان للشعبين». ولاحظ وجود عناصر يمكن الموافقة عليها في خطة السلام السعودية والدول العربية المعتدلة.
وعلى رغم الحصار والإغلاق والاغتيالات اليومية والمجازر المتواصلة، قال أولمرت «لا يمكن الفلسطينيين القول إننا نحتل غزة اليوم، لأن إسرائيل لا تسيطر على سنتمتر واحد من أراضي غزة». ودعا الى الوحدة من أجل هزيمة «الإرهابيين القتلة» من الفلسطينيين، معتبراً أن من يقترح التسوية مع حماس فإنما «يقترح التسوية مع طهران» لأن حماس تمثل «التطرف والروح التي تبثها» الأخيرة.
في ما يتعلق بالملف الايراني، قال «إننا نخوض صراعاً سياسياً دولياً بهدف إثارة الرأي العام وحكومات العالم وكل أقوالي في الموضوع الإيراني (في إشارة الى ان على ايران ان تخاف) كانت في هذا الإطار». وأضاف ان سياسة الادارة الاميركية بعد فوز الديموقراطيين في انتخابات الكونغرس «لن يتغير فيها شيء. خرجت من لقاءاتي مع الرئيس بإحساس قوي جداً بأنه يوجد تفاهم بيننا في المواضيع المركزية المطروحة على جدول الأعمال».
من جهة أخرى، غادرت أكثر من ألف عائلة مستوطنة سديروت نتيجة استمرار سقوط الصواريخ فيها انطلاقاً من قطاع غزة، وذلك عبر حافلات تبرع بتمويلها رجل الأعمال أركدي غايدمك، بموافقة لجنة الأهالي المركزية ووزارة الثقافة وتأييدهما.
وأجرى وزير الدفاع عامير بيرتس تقدير الوضع، خلال اجتماعه مع قادة الأجهزة الأمنية في مكتبه، تطرق خلاله الى التطورات في قطاع غزة. وقال «نحن نواصل سياسة الضغط في الجنوب (غزة)».
ودعا وزير الشؤون الاستراتيجية، أفيغدور ليبرمان، إلى اغتيال قادة حماس والجهاد الإسلامي، وقال إن «ردّ إسرائيل على إطلاق صواريخ القسام المتواصل على سديروت، يجب أن يتركز على قادة حماس والجهاد الإسلامي، ومن ضمنهم القادة الكبار».
بدوره، دعا وزير البنى التحتية (حزب العمل) بنيامين بن أليعيزر الى «توسيع عمليات التصفية المحددة، ليس فقط ضد الذين يطلقون الصواريخ، بل ضد مسؤوليهم». وأضاف «علينا مطاردتهم ليلاً ونهاراً. سنعلّمهم معنى الردع».
واعتبر الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن، يوبال شتيانتس (الليكود)، خلال محاضرة له في قيساريا، انه «بدلاً من المعالجة الجذرية للبنى التحتية للإرهاب في جنوب لبنان وغزة، فضلت اسرائيل في المعركتين التركيز على النيران الجوية والمدفعية لعرقلة عملية إطلاق الصواريخ». وأضاف أن «التخلي عن ثقافة الحسم العسكري في الجيش الاسرائيلي وفي القيادة السياسية هو المسؤول عن الفشل في الشمال في مواجهة صواريخ الكاتيوشا، وفي الجنوب في مواجهة صواريخ القسام».
وربط عضو الكنيست اليميني يتسحاق ليفي (الاتحاد القومي ــ مفدال)، إطلاق الصواريخ بفك الارتباط عن غزة، وقال إن «سكان سديروت يدفعون حياتهم جراء العبثية الأمنية التي تمثلت بفك الارتباط، وجراء الإهمال الأمني للحكومة التي تراوح مكانها وتتردد، ولا تستطيع حل مشكلة الصواريخ»، فيما قال زميله في الكتلة تسفي هنديل «وحده صاروخ على تل أبيب سيحمل رئيس الوزراء على السيطرة على قطاع غزة. وإذا استمرت عبثية الحكومة على هذا النحو، فستبدو حرب لبنان لعبة أطفال».