محمد بدير
هواجس من تحوّل أميركي حيال دمشق ومعلومات عن مبادرة لعقد مؤتمر دولي للسلام

بدأ القلق يساور دوائر صناعة القرار الإسرائيلية من إمكان حصول انعطافة في السياسية الأميركية في الشرق الأوسط تضطر إسرائيل إلى دفع ثمنها السياسي على الجبهتين السورية والفلسطينية. ورغم نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت هذا الاحتمال وتأكيده الاطمئنان إلى «صرامة» الرئيس جورج بوش حيال سوريا، فإن ما كشفت عنه تقارير صحافية إسرائيلية يؤكد أن الاحتمال بدأ يأخذ ترجمات عملية متوقعة، إحداها على شاكلة مبادرة أميركية لعقد مؤتمر دولي بشأن مسيرة التسوية.
فقد أعرب أولمرت عن قناعته بأن بوش لن يغير «موقفه الصارم» من الرئيس السوري بشار الأسد. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، بأن أولمرت أبلغ مستشاريه المقربين بقناعته هذه بعد لقائه الرئيس الأميركي على انفراد أثناء زيارته للولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
وبحسب أولمرت، فإن بوش «يضع شروطاً صارمة لتغيير موقف الولايات المتحدة تجاه سوريا، فهو يطالب الأسد قبل كل شيء بوقف المساعدات لحزب الله وإغلاق مقار المنظمات الفلسطينية، وخصوصاً حماس والجهاد الإسلامي، في دمشق، والتوقف عن مساعدة المجموعات الإرهابية الناشطة في العراق».
ونقلت الصحيفة عن مصادر في مكتب أولمرت قولها إنه على خلفية ذلك فإن «سوريا ليست على وشك الانضمام لمعسكر الأخيار»، وأن التقرير عن تغييرات مزمع إجراؤها في السياسة الخارجية الأميركية وانسحاب أميركي محتمل من العراق «سيدفن إلى جانب تقارير أخرى أعدتها لجان خارجية»، في إشارة إلى المقترحات التي تعدّها حالياً لجنة بيكر ــ هاملتون بهذا الشأن.
وبحسب «يديعوت»، فإن إسرائيل «لم تفاجأ» باجتماع رئيس اللجنة جيمس بيكر مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم نهاية الأسبوع الماضي في نيويورك، مشيرة إلى أن المحادثات التي أجراها مستشارو أولمرت مع مسؤولين في إدارة بوش تركت انطباعاً لديهم بأن الرئيس الأميركي لا يعتزم تطبيق توصيات تقرير بيكر «التي تمسّ بمبادئه الأساسية التي تقضي بشن حرب من دون هوادة على الإرهاب ومن دون الاستسلام لدول تدعمه ومنها سوريا».
لكن يبدو أن الهواجس الإسرائيلية من إمكان حدوث انعطافة في السياسة الأميركية الشرق أوسطية أعمق من أن تبددها التطمينات التي حاول أولمرت ومقربوه بثها؛ فقد أكدت صحيفة «معاريف» وجود حالة من الخشية والتخوف في دوائر صناعة القرار الإسرائيلية إزاء هذا الأمر، وخصوصاً في ظل وجود توجه أميركي، كشفت عنه الصحيفة، نحو عقد مؤتمر دولي، تبادر إليه الولايات المتحدة وتشارك فيه كل من مصر والأردن وإسرائيل، هدفه ترميم المسيرة السياسية لعملية التسوية في الشرق الأوسط.
وإذ أكدت «معاريف» أن الاتصالات السرية لعقد المؤتمر تتواصل، رغم نفي الأمر، نقلت عن مصادر سياسية إسرائيلية تقديرها بأن الولايات المتحدة الآن «أمام تغيير سياسي دراماتيكي في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، في محاولة لإنقاذ ما بقي من ولاية بوش الثانية وترميم بعض الدمار الذي خلّفته سياسة نشر الديموقراطية التي تبنّاها».
ويعزز السفير الإسرائيلي المنتهية ولايته لدى واشنطن، داني أيالون، هذا التوجه الأميركي، حيث تنقل عنه «معاريف» موقفاً بهذا الشأن يقدّر فيه أن الأميركيين يحتاجون إلى خطوة كبيرة تغير الاتجاه في الشرق الأوسط، وأن ثمة حاجة ماسة لديهم، في ضوء المتغيرات الإقليمية، إلى مبادرة سياسية، على شاكلة المؤتمر المشار إليه.
وأشارت الصحيفة إلى أن «المداولات التي جرت في واشنطن في الاسابيع الاخيرة، أفضت إلى الاستنتاج بأن وضع الولايات المتحدة في الشرق الاوسط صعب للغاية، أكثر من اي وقت مضى، وأن ثمة خطراً كبيراً وداهماً يحدق بكل المصالح الاميركية في المنطقة، بدءاً من استقرار الأنظمة المتعاطفة مع الولايات المتحدة، مروراً بضعف الحكام المعتدلين، وانتهاء باحتمال اختفاء الزعيمين الوحيدين اللذين أتت بهما سياسة نشر الديموقراطية الخاصة ببوش: رئيس الوزراء السنيورة في لبنان والرئيس ابو مازن في السلطة الفلسطينية».
وانطلاقاً من ذلك، وسّع بوش، بحسب «معاريف»، مهمة لجنة بيكر ــ هاملتون، لتشمل تقديم اقتراحات حول استئناف المفاوضات بين إسرائيل من جهة، وكل من الفلسطينيين وسوريا من جهة أخرى، يُفترض أن تجد طريقها إلى طاولة بوش في نيسان المقبل.
أما بالنسبة إلى الأفكار الأميركية المتبلورة في هذا الشأن، فإنها تدور حول إنشاء محور من الدول المعتدلة، بالتعاون مع إسرائيل، وعقد مؤتمر دولي خاص يُكرس لتعزيز مكانة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وتُدرس فيه سبل استئناف المفاوضات بينه وبين إسرائيل على أساس تطبيق خريطة الطريق، مع التركيز على المرحلة الثانية منها. وفي إطار ذلك، ثمة إمكان للتوجه، بحسب الصحيفة، نحو «انطواء متفق عليه» مع أبو مازن، يقود نحو قيام دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة ووضع جدول زمني لتحقيق التسوية الدائمة. ولكي تنجح هذه الخطة، ينبغي «ترميم قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم، وإقامة سور حيال حماس وحزب الله، وتزويد ابو مازن كميات كبيرة من المال والقوة».
ووفقاً لـ«معاريف»، فإن السعودية وافقت على التعاون في مثل هذا المؤتمر، وعلى «توظيف وسائل عديدة وأموال كثيرة في خطة ترميم مكانة أبو مازن وبناء قدرة عسكرية مهمة تسمح له بفرض صلاحياته على الأرض». وكذلك، يُتوقع، بحسب الصحيفة، تعاون كل من مصر والأردن والرئيس الفلسطيني في هذا المخطط، إلا أن إسرائيل لم تعطِ بعد موافقتها عليه، «وعلى أولمرت، إذا لم يكن راغباً في أن يجد نفسه تحت ضغوط لا مفر منها، أن يبادر إلى خطوة خاصة به قبل ذلك (موعد تقديم لجنة بيكر مقترحاتها في نيسان) بكثير».
وتشير «معاريف» إلى أن هذه الخطة الأميركية تمثل نقطة الارتكاز التي يبحث عنها بوش في إطار السعي إلى الهدف الأكبر المتمثل بـ«صد التقدم الإيراني، وتثبيت استقرار المنطقة والأنظمة المعتدلة فيها» والتي تعيش حالة من «الترنح والخوف» أمام «الانتشار الشيعي المستمد إلهامه من إيران وحزب الله».



«يديعوت»: الانعطافة التي قررتها الادارة الاميركية في سياستها الخارجية جاءت بعدما فهمت واشنطن الرسمية بانه من دون حوار مع سوريا وايران سيكون من الصعب استقرار العراق، وأصعب استقرار لبنان. وأنه من المتوقع للولايات المتحدة أن تحاول الاستعانة بالاسد كي تهدئ الاحداث في لبنان