يحيى دبوق
بدأ عامير بيرتس على ما يبدو رحلة الانفصال الكلي، في مشروعه السياسي، عن ايهود أولمرت، وباشر الإعداد لخطة سياسية،
تستهدف إنقاذ زعامته لحزب العمل، الذي بدأ عدد من قادته يتمردون عليه


ينوي وزير الدفاع الاسرائيلي عامير بيرتس مواصلة مسيرة تمايزه عن رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت، وطرح، في هذا الإطار، خطة سياسية جديدة هدفها تحريك عملية التسوية مع الفلسطينيين، اضافة الى دراسة امكان استئناف المفاوضات مع سوريا، فيما تتصاعد الاصوات في حزب العمل المطالبة بتنحيته عن وزارة الدفاع.
ونقل مراسل صحيفة «يديعوت احرونوت» عن بيرتس قوله، في محادثات مغلقة، انه «ملتزم السلام لكونه رئيساً لحزب العمل، ولا يرى تعارضاً بين عضويته في الحكومة وواجبه في عرض بديل حقيقي للجمود في الواقع السياسي الراهن».
ولا يخفي بيرتس، في احاديثه، أن اصل الشراكة بينه وبين رئيس الحكومة الاسرائيلية سيتميز من الآن وصاعداً بالتوترات وبعدم الاتفاق، لكنه يصر على «بناء محور بيرتس ــ ابو مازن وإيجاد فرصة لوقف اطلاق نار متبادل في قطاع غزة، على ان يلتزم ابو مازن تولّي مسؤولية منع تهريب الوسائل القتالية من مصر «الى القطاع».
وقالت «يديعوت» إن «خطة بيرتس لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين تستند الى خريطة الطريق وإلى استعداد اسرائيل للتوقيع على قيام دولة فلسطينية في حدود مؤقتة في غضون فترة قصيرة». وأضافت أن «الخطة تسمح بتواصل اقليمي للدولة الفلسطينية، وبالتالي سيحتاج ذلك الى اخلاء مستوطنات معزولة في وسط الضفة» الغربية.
ولا يستبعد بيرتس، بحسب الصحيفة نفسها، ادارة مفاوضات مع سوريا، ويحبذ «فحص امكان استئناف المفاوضات معها، خلافاً لموقف رئيس الحكومة ايهود اولمرت الذي يرفض اقتراحات اقامة قناة سرية مع دمشق لجس نيات وإشارات (الرئيس السوري بشار) الاسد»، وخاصة انه قد تلقى اخيراً «فتوى من اسرة الاستخبارات ومسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الدفاع، يوصونه باستئناف المفاوضات على القناة السورية، وبتنسيق مسبق مع الاميركيين».
وتشمل خطة بيرتس، كما عرضتها «يديعوت»، ثلاث نقاط اساسية: بناء «محور بيرتس ــ ابو مازن، لدفع عملية وقف اطلاق النار المتبادل قدماً؛ والاستعداد للتوقيع على اتفاقية اقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة؛ ودراسة جدية امكان استئناف المفاوضات مع سوريا». وأورد المراسل السياسي للصحيفة، شمعون شيفر، المعروف عنه سعة اطلاعه، موقفاً استخباراتياً يصب في مصلحة طروحات بيرتس لجهة سوريا، ذلك أن اسرائيل، بحسب مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات، «في وقت مناسب لترتيب علاقاتها مع سوريا، وهي ملزمة بمحاولة التوصل الى سلام معها، والا فسيكون الوقت متأخراً إذا تسلحت ايران بالسلاح النووي»، وأضاف انها «فرصة اخيرة لإخراج سوريا من محور الشر ومن ايران»، مشدداً على ان «اتفاق سلام (مع سوريا) يتضمن سعراً معروفاً: اعادة هضبة الجولان حتى آخر سنتيمتر».
وتعتقد مصادر في المؤسسة الامنية الاسرائيلية أن «القيادة السياسية ملزمة بدراسة اتخاذ خطوة قيادية والاستجابة لإشارات الاسد، ذلك انه، وبعد ست سنوات من توليه الحكم، بات يسيطر على الدولة» السورية، رغم وجود تقدير آخر لدى الاستخبارات لم يحسم وجهة الاسد الذي «لم يقرر وجهته، الى الحرب مع اسرائيل ام الى السلام».
جولة على الجولان
واستغل بيرتس امس جولة له على وحدات لجيش الاحتلال الاسرائيلي في هضبة الجولان، ليطلق مواقف سياسية تترك انطباعاً عن حزمه العسكري في الوقت الذي يدعو فيه إلى دراسة استئناف المفاوضات مع سوريا.
وقال بيرتس: «من اجل أن نتمكن من الرد على أي سيناريو محتمل (مع سوريا)، فإننا سنعد قواتنا بما يتناسب». واضاف انه «لا يستبعد المبادرات السياسية التي نرى فيها دائماً امراً مرغوباً من اجل تعطيل التهديدات، رغم اننا نسمع رسائل مزدوجة آتية من سوريا».
وتابع بيرتس، الذي رافقه في الجولة قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي غادي ايزنكوت: «اعتقد ان الجيش يأخذ بالحسبان كل المعلومات التي في حوزتنا، ويستعدّ على اساسها، ومع ذلك فنحن بالطبع نستعد لسيناريو يمكن ان يولّد مواجهة».
وأكد بيرتس انه ليس في نية اسرائيل «تسخين الجبهة، لكن لا يوهمن احد نفسه، فنحن على استعداد وسنفعل كل ما يلزم».
يُذكر أن الاستخبارات الاسرائيلية كانت قد حذرت من ان «سوريا سترد على اسرائيل بالصواريخ في حال تعرضها لأي عملية عسكرية في الاراضي السورية» لكنها استبعدت «ان تلجأ (سوريا) الى اي تحرك عسكري ابتدائي خلال العام المقبل».
اعتراضات في العمل
الى ذلك، يتجه بيرتس الى فقدان تأييد اعضاء الكنيست من حزبه لبقائه في وزارة الدفاع، بسبب ضعفه وعدم خبرته، ويفضلون توليه وزارة خدماتية بدلاً منها.
ونقلت صحيفة «معاريف» امس، أن الأمين العام لحزب العمل الوزير ايتان كابل، المعروف عنه تأييده لبيرتس، ادار «سجالاً وُصف بأنه صعب ولاذع لرئيس الحزب، قال فيه الامور بصراحة». وأضافت ان «عشرة اعضاء في الكنيست من حزب العمل يفكرون مثله ويقولون في احاديث خاصة، إن على بيرتس أن ينتقل الى وزارة اقتصادية كبيرة» في اقرب وقت ممكن.
وشددت الصحيفة على ان عدداً من نواب العمل رفضوا التطرق الى موضوع «تغيير» بيرتس، الا أنها وجدت صعوبة في «ايجاد اكثر من اربعة مؤيدين لبقائه في وزارة الدفاع».
وترى محافل في حزب العمل أن «وضع بيرتس ضعيف الى درجة اصبح معها اكثر انكشافاً من ذي قبل امام محاولة إقصائه من جانب اولمرت»، الامر الذي رفضه «رجال» بيرتس وشددوا على ان المسألة تتعلق «بحملة رخيصة ترمي الى صلب وزير الدفاع».
يُذكر أن مستشار رئيس الحكومة الاسرائيلية للشؤون السياسية ايال اراد، قال أول من أمس لصحيفة «معاريف»: ان «تعيين بيرتس كان خطأ، ويجب الاعتراف بذلك على الملأ، إنه خطأ تولد من الضعف النسبي لحزب كديما في الانتخابات، فلو كان لكديما 40 مقعداً في الكنيست، لما كان بيرتس وزيراً للدفاع».