مهدي السيد
ألقت تداعيات استخدام الجيش الإسرائيلي للقنابل العنقودية في المناطق السكنية في جنوب لبنان بظلالها على حرب الجنرالات المستعرة في إسرائيل وعلى معارك الاتهامات المتبادلة بين المستويات العسكرية المختلفة، فبدا أن جوهر القضية يرتبط إسرائيلياً بالمسؤول عن إصدار الأوامر ومخالفتها، وبمدى صدق ما يقوله رئيس الأركان دان حالوتس، لجهة نفيه العلم المسبق بها، وليس باستخدام نوع كهذا من السلاح المحظور دولياً.
الواضح من التفاعلات التي أعقبت إثارة هذه القضية أنها تحولت إلى مواجهة صدقية بين رئيس الأركان من جهة والقادة الميدانيين المسؤولين مباشرة عن هذه الجرائم، على خلفية التقارير الإعلامية التي تشير إلى إقرار هؤلاء القادة بتنفيذهم عمليات إطلاق القنابل العنقودية بعد «موافقة أركانية» (نسبة لهيئة أركان الجيش)، فضلاً عن إطلاع وزير الدفاع عامير بيرتس على الأمر.
ونشرت صحيفة «هآرتس» معطيات تؤكد معرفة حالوتس المسبقة باستخدام القنابل العنقودية وبالأهداف والأماكن التي استهدفها، وهو أمر بالغ الدلالة والخطورة لجهة أنه يُظهر كذب حالوتس في هذه المرحلة الحساسة والعصيبة التي يمر بها شخصياً هو وجيشه، وهو أمر من شأنه، في حال ثبتت صحته، أي كذب حالوتس العلني، تقريب المقصلة من رأسه إلى مسافة قصيرة جداً.
ونشرت «هآرتس» شهادة أدلى بها ضابط مسؤول في الوحدة الصاروخية (MLRS) في الجيش الإسرائيلي، تفيد بأن قيادة الجيش ومكتب رئيس هيئة الأركان هما اللذان أصدرا التعليمات بإطلاق الصواريخ التي تحمل القنابل العنقودية شمالي نهر الليطاني، وهما اللذان حددا الأهداف التي وجهت إليها هذه القنابل. ومعروف أن هذه الوحدة كانت هي المسؤولة عن كل عمليات إطلاق القنابل العنقودية.
ونقلت «هآرتس» أيضاً عن أحد ضباط الوحدة قوله إن وحدته أطلقت الكثير من القنابل العنقودية شمالي نهر الليطاني، مضيفاً إن هذه الأهداف حُدِّدت بأنها أهداف «أركانية».
واستشهدت الصحيفة بما قاله وزير الدفاع عامير بيرتس من أنه تلقى تقريراً خلال الحرب عن استخدام الجيش الإسرائيلي للقنابل العنقودية، وأنه طلب توضيحات عن هذا الأمر فقيل له إن استخدام هذه القنابل تم مع الحرص على القوانين الدولية؛ وفي ضوء ذلك، تشككت الصحيفة بادعاءات حالوتس.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أقر بأن وحداته أمطرت لبنان، خلال عدوان تموز، بأكثر من 1200 قنبلة عنقودية، أشارت معلومات صحافية إلى أن جميعها من صنع أميركي.