حيفا - فراس خطيب
قبل عام من يوم أمس، انسحب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون من حزب «ليكود»، الذي أسٍّسه، وأقام حزب «كديما»، في خطوة رأى فيها كبار المراقبين السياسيين «هزة أرضية وانفجاراً كبيراً»، غيَّرت وجه الخريطة السياسية الإسرائيلية.
لكنّ حزب شارون، وبعد غيابه، لا يزال يبحث عن طريق واستراتيجية وجدول أعمال... وحتى الآن لم يجدها.
سبق «الانفجار الكبير» بأيام انفجار أصغر منه، أحدثه رئيس حزب «العمل» ووزير الدفاع الحالي عامير بيرتس، عندما فاز على منافسه شمعون بيريز برئاسة حزب «العمل». وكان فوز بيرتس سبباً لتبكير موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، نظراً لتصميمه على سحب الحزب من حكومة شارون.
كان انسحاب «العمل» من حكومة شارون، إضافة إلى اتساع معسكر المتمردين عليه في «الليكود»، سببين رئيسين لزيادة احتمالات انسحاب رئيس الوزراء من هذا الحزب، خصوصاً بعدما صوّت المتمردون ضد تعيين وزراء مقربين منه للحكومة.
وفهم شارون أنّه حتى لو كان يتمتع بشعبية في «الليكود»، فإنَّ المركز سيظل يحاول الانتقام من المقربين منه في انتخابات المركز. وقرَّر الانسحاب.
في ليلة العشرين من تشرين الثاني، عام 2005، صدر البيان الأول عن قراره بالانسحاب من «الليكود». وقال في اليوم التالي «لن نجبر بعد اليوم على الذهاب إلى حفلات زواج لأعضاء مركز الليكود».
ومع انسحابه من الحزب، رافقه اوتوماتيكياً 14 عضواً في الكنيست من الحزب نفسه.
استمرت الوضعية بالتقلب، وراح «الانفجار الأكبر» يكبر رويداً رويداً مع انضمام بيريز إلى «كديما» قادماً من حزبه الأزلي «العمل». لحقه ايضاً عضوا الكنيست داليا ايتسيك وحاييم رامون (العمل). وهكذا كانت الحال أيضاً في حزب «الليكود»، فقد أعلن تساحي هنغبي، انضمامه إلى شارون.
وبعد أربعة أيام من انضمامه، لحق به وزير الدفاع شاؤول موفاز. وكانت تلك مفاجأة كبرى لكونه أعلن قبل أيام أنّه «لن ينضم إلى شارون وكديما لن يصمد».
جرت هذه الاحداث خلال أيام وبسرعة هستيرية، وفي الثامن عشر من كانون الأول، اصيب شارون بنوبة في الدماغ نقل إثرها إلى المستشفى. وفي اليوم التالي، انتخب بنيامين نتنياهو رئيساً لحزب «الليكود» بعد ست سنوات على إشغاله هذا المنصب.
خرج شارون من المستشفى بعد يومين. وظلّ حزبه يتصاعد في استطلاعات الرأي حتى الرابع من كانون الثاني، عندما اصيب شارون بانفجار في الدماغ لم يصح منه حتى هذه الساعة.
كان غياب شارون ضربة قوية لـ«كديما» ونهاية لـ «حكم آباء الدولة العبرية». اتجهت الانظار إلى ايهود اولمرت ليرث شارون. ولم يصدق أحد حتى هذه الساعة أن هذا الشخص، سينال رئاسة الوزراء ذات يوم في اسرائيل. وقالت مصادر إن اولمرت لم يكن موجوداً في تلك «الجلسة المصيرية»، لكن شارون أبلغه بعد يوم واحد من تركه الليكود.
الاحداث لم تنته. حلَّت الانتخابات وفاز «كديما» بـ 28 مقعداً فقط (الاستطلاعات منحته 43 مقعداً في عهد شارون). ودمر حزب «الليكود» ووصل إلى الحضيض بـ 12 مقعداً فقط.
وبعد عام «على الانفجار الكبير»، لا تزال حكومة اسرائيل من دون برنامج عمل، وخطة «التجميع»، التي كانت أساس البرنامج الانتخابي لاولمرت، «لم تعد ذات صلة»، كما يقول المراقبون.
ويشهد الائتلاف الحكومي، الذي شن العدوان الأخير على لبنان، وبعد أشهر معدودة من قيامه، تضعضعاً أدى الى انضمام اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان إليه «على أمل الاستقرار». وحدث كل هذا، امام صمت وضعف حزب «العمل»، الذي ذهب بعكس كل وعوده للناخبين.
لم يشف احد من الفشل، ما عدا بنيامين نتنياهو، الذي تكبد هزيمة نكراء في الانتخابات، لكنَّه عاد ليكون من ابرز المرشحين لرئاسة الوزراء.