علي حيدر
يشنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية متواصلة داخل قطاع غزة من دون إعلان رسمي ومن دون ضجيج إعلامي، وبخطى بطيئة ومدروسة، لمعالجة الصواريخ الفلسطينية التي تستهدف التجمعات الاستيطانية في محيط القطاع. ويهدف هذا التكتيك الى عدم رفع مستوى التوقعات، وكي لا يتحول سقوط كل صاروخ إلى إنجاز فلسطيني وإلى إسقاط لأهداف الحملة. ويقدر مخططو العملية أن تبدأ ثمارها بالظهور خلال أسبوعين لا قبل ذلك.
كما تعمل إسرائيل على دراسة خياراتها التكنولوجية لحل مشكلة الصواريخ رغم أن لجان الخبراء أكدت أن «لا إمكان لدى إسرائيل اليوم للتصدي لصواريخ القسّام والكاتيوشا بشكل كامل».
وكشف المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أنه في الوقت الذي كانت تُعقد فيه جلسة المجلس الوزاري المصغّر أول من أمس لبحث سبل وقف الصواريخ، كان الجيش الإسرائيلي قد نفذ جزءاً كبيراً من المرحلة الأولى من الحملة، وهي مرحلة «مد الشبكة»، حيث توغلت قوات مدرعة ومشاة وقوات خاصة شمالي القطاع، بعرض نحو خمسة كيلومترات وعمق نحو ثلاثة كيلومترات وأكثر. ووصلت القوات قريباً جداً من الأحياء الشمالية لمدينة غزة شمالي بيت حانون وجنوبيها.
وتهدف العملية، التي تحمل اسم «الدمج المناسب»، إلى إبعاد مطلقي الصواريخ عن المناطق المفتوحة إلى مناطق بعيدة، يصعب إطلاق الصواريخ منها، كالأحياء المأهولة.
أما في ما يخصّ المقاومين الفلسطينيين، فقد رأت الصحيفة أن «خبرتهم لم تزدد، وإنما يحسنون استغلال الإمكانات. توجد قيادة وسيطرة، ويوجد اتصال، ويوجد حصر للجهد في مواجهة الجيش الإسرائيلي، ويوجد استخلاص للدروس. وفي مقابل ذلك، يوجد تحسّن كمّي للوسائل القتالية والمواد المتفجرة».
وتسود مخاوف في إسرائيل من أن يؤدي استمرار بقاء الجيش في المنطقة الى احتكاك دائم «مع العدو» والتسبب بسقوط إصابات إسرائيلية. ويرى فيشمان أن نجاح عملية «الدمج المناسب مشروط بطول النفس الذي سيمنحه المستوى السياسي للجيش». والتقدير السائد حتى الآن، بحسب المصدر نفسه، هو «أن الجيش مستعد لعملية متواصلة في شمال القطاع، مع نشر خلايا صغيرة، بغطاء جوي ومن قوات المدرعات. على ان تبدأ الثمار تظهر على مستوى تراجع كمية الصواريخ التي يتم إطلاقها أو انعدامها بعد نحو أسبوعين».
وبالتزامن مع هذه الحملة، تعمل القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي على الإعداد لعملية عسكرية واسعة حتى تكون جاهزة إذا طلب منها القيام بذلك، رغم أن المستوى السياسي يتجنب حتى الآن المبادرة إلى عملية من نوع كهذا لأسباب عديدة، بينها «عدم الانجرار لإعادة احتلال القطاع وعدم وجود حماسة لدى الإدارة الأميركية وتفضيل المحادثات، وبسبب التكلفة المادية». هذا بالإضافة إلى السؤال الذي يطرحونه في القدس المحتلة: ماذا بعد اليوم التالي للعودة إلى داخل القطاع؟
في موازاة ذلك، يرى جيش الاحتلال أن أيّ تأجيل في المعالجة الجذرية لعمليات تهريب السلاح سيؤدي فقط إلى رفع الثمن الذي ستدفعه إسرائيل. ويرى كل من رئيس «الشاباك» يوفال ديسكين، ورئيس الموساد مئير دغان، أنه ينبغي «بشكل حازم القضاء على سلطة حماس».
وضمن إطار المحاولات الإسرائيلية لمعالجة الصواريخ القصيرة المدى، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، لوكالة «فرانس برس»، إن الجيش يسعى حالياً إلى توفير حل تكنولوجي لاعتراض الصواريخ الفلسطينية القصيرة المدى. وأضاف أن «إسرائيل تدرس خيارات عديدة لوقف صواريخ القسام»، سواء بالاعتماد على التكنولوجيا الإسرائيلية أو الأسلحة الأميركية.
في المقابل، كشف زئيف شيف، في «هآرتس»، أن إسرائيل تطلق الوعود العبثية لسكان سديروت حول إمكان توفير حلول ناجعة للصواريخ، رغم أن لجان الخبراء المختلفة، التي أنفقت عليها الأموال، توصلت إلى عدم وجود حلول جدية لمشكلة الصواريخ هذه». والخلاصة التي نقلها شيف عن استنتاج الخبراء أنه «لا إمكان لدى إسرائيل اليوم للتصدي لصواريخ القسّام والكاتيوشا بشكل كامل».