مهدي السيد
معارضوها يرونها تكريساً «للهزيمة»... ومؤيدوها يغدقون «الثناء» عليها

جذب خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت أمام ضريح ديفيد بن غوريون، اهتمام الصحف الإسرائيلية التي ركزت في تحليلاتها على الدوافع التي تقف وراءه وعلى أهدافه الحقيقية. وإذا كان معظم المحللين والمراقبين في إسرائيل اتفقوا على تحديد دوافع الخطاب وغاياته، فإنهم اختلفوا على تقويمه، كل وفق خلفيته السياسية، بين من أثنى عليه وعلى صاحبه، وبين من اعتبره خطاب هزيمة، فيما اعتبره آخرون مجرد تجميع لمواقف سابقة، وأن جديده يكمن في تجميعه بوتقة واحدة لا في مضمونه. وأشار العديد من المراقبين إلى تجاهل الخطاب عدداً من القضايا الحساسة مثل القدس وسوريا، وإلى الغموض الذي لفّ بعض ما ورد فيه ولا سيما ما يتعلق بحدود الانسحاب الإسرائيلي المزمع.
في هذا المجال، انتقدت صحيفة «هتسوفيه» اليمينية بشدة خطاب أولمرت إذ اعتبرت أنه، إضافة إلى وقف النار مع الفلسطينيين، «حوّل دولة إسرائيل إلى دولة مهزومة».
وقال المحلل السياسي في «هتسوفيه»، حجاي هوبرمان، إنه يمكن الفصائل الفلسطينية أن «تفرك يديها من المتعة والفرح. ولا عجب في أنهم يشعرون بأنهم يملون المطالب على إسرائيل». واعتبر هوبرمان أن إسرائيل تنازلت عن الانتصار، وأن أولمرت يلتزم مسبقاً بتنفيذ المصالح الفلسطينية التي تتمثل في: دولة مستقلة وخراب مستوطنات يهودية والإفراج عن أسرى.
في المقابل، اعتبرت «هآرتس»، في افتتاحيتها، أن أولمرت أظهر في خطابه «خطاً سياسياً واضحاً ومميزاً في أعقاب مرور فترة مظلمة غير واضحة المعالم تلت الحرب في لبنان». وبحسب «هآرتس»، فإن هذا الخطاب «يضع من جديد عملية تسوية النزاع مع الفلسطينيين على رأس سلم أولويات اسرائيل، وإن أولمرت يستحق المديح على خروجه بمثل هذه المبادرة السياسية». ودافعت «هآرتس» عن مقترحات أولمرت التي «لا تزال بعيدة من المطالب الفلسطينية»، وكذلك من «الضبابية المقصودة في مواضيع كالقدس»، معللة ذلك بأن «هذه هي طبيعة التفاوض والدبلوماسية، التي تبدأ بعرض مواقف بعيدة ويحاول في ما بعد التجسير عليها». بدوره، توقف المحلل السياسي في «هآرتس»، ألوف بن، عند خطاب أولمرت، معتبراً أنه يؤكد وجود أجندة لدى رئيس الوزراء تتمثل في «التنصّل من خطة الانطواء الأحادية الجانب ليحل مكانها الانطواء بالحوار مع السلطة الفلسطينية».
وبالانتقال إلى مضمون الخطاب اعتبر بن أن «ثمة قليلاً مما هو جديد في مضامين الخطاب، والجديد يكمن في أنه جمعها هذه المرة في اقتراح مُنظم». وفي تداعيات الخطاب، رأى بن أنه إضافة إلى وقف النار «سيهدئ الضغوط الداخلية التي مورست على أولمرت من وزرائه الكبار، من أجل الخروج بمبادرة سياسية. أما على الجبهة الدولية، فيساعده على صد المبادرة الأوروبية للتدخل في الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني، كذلك الأمر بالنسبة إلى مواجهة الأصوات المتزايدة في واشنطن للاهتمام بالقناة السورية».
وفي تعليقها على خطاب أولمرت، اعتبرت سيما كدمون، في «يديعوت أحرونوت»، أن خطابه «هبط علينا كطائر سريع يخرج من الأراضي المحروقة، بعد إخفاقات الحرب في لبنان وصدمة القسام المتواصلة في الجنوب ومعاركه السياسية الموحلة مع وزير الدفاع والأشهر الطويلة من انعدام المبادرة وغياب جدول الأعمال».
وإذ أشارت كدمون إلى أن أولمرت «توجه في خطابه الى الشعب الفلسطيني من فوق رأس قادته، واعداً إياهم بجبال وتلال شاهقة من الوعود، وعلى وجه الخصوص دولة فلسطينية سيادية مع تواصل جغرافي إقليمي، ناهيك بكل الامتيازات»، لفتت إلى أنه «يطالبهم أيضاً بأمور ليست بالقليلة. فهو يعيد قرار الرباعية الى طاولة المباحثات. وهو يحيي خريطة الطريق ويضع على الطاولة مطلب التنازل عن حق العودة بصورة لا تقبل التأويل».