حيفا ــ الأخبار
يطل يوم الغفران العبري اليوم في وضعية مشابهة ليوم الغفران العام 1973. ففي مثل هذا اليوم عام 1973، كان الإسرائيليون خارجين من حربٍ وصفت بأنها «مؤلمة» أمام مصر وسوريا. تماماً كما تبدو الوضعية «مؤلمة» اليوم بعد حرب لبنان 2006.
كانت إسرائيل تعاني من انقسامات سياسية ومعارضة جماهيرية للقيادة الإسرائيلية، التي فشلت في حرب العام 1973. كان من الصعب على القادة الإسرائيليين في حينه أن يجيبوا عن أسئلة الجمهور الإسرائيلي، تماماً كما هي الحال اليوم بعد حرب لبنان الثانية، فالجمهور الإسرائيلي لم يستوعب «الصدمة» حتى اليوم، مطالباً قادته بالاستقالة من دون أن ينال إجابة واضحة ومقنعة عما جرى في هذه الحرب، التي تنخرط في أذهان الإسرائيليين على أنَّها «خسارة مؤلمة».
اليوم، مقارنة بالماضي، تبدو الساحة السياسية مشابهة: إيهود أولمرت مكان رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مئير. وزير الدفاع عامير بيرتس مكان موشيه ديان، وقائد الأركان دان حالوتس مكان دافيد العزار (دادو)، وشموئيل غونين (غوروديش)، قائد المنطقة الجنوبية مكان أودي آدم، قائد المنطقة الشمالية. والوقت نفسه: صيف 1973 وصيف 2006.
حربان تمخضت عنهما لجنتا تحقيق، اغراناط العام 1973 وفينغراد 2006. السؤال المركزي تمحور في كلتا الحالتين حول اتخاذ الخطوات والقيادة. الأوضاع متشابهة من حيث وضعية الجيش المزرية وسياسيون وعسكريون لا يتحملون المسؤولية، إنما همهم الحفاظ على كراسيهم بكل ثمن في ظل تظاهرات في الحالتين طالبت وتطالب بالاستقالة.
في ذلك الحين أيضاً، بعد سلسلة إخفاقات في المنطقة الجنوبية قررت القيادة العسكرية والسياسية إقالة غوروديش من قيادة المنطقة اثناء الحرب وعينوا مكانه قائد الأركان الإسرائيلي الأسبق حاييم بارليف. وتذكّر هذه الخطوة بحرب لبنان الثانية، عندما أقدم قائد الأركان حالوتس، على تعيين نائبه موشيه كابلنسيكي «مندوباً عنه» في المنطقة الشمالية أثناء الحرب بعد سلسلة الإخفاقات التي قام بها قائد المنطقة الشمالية أودي آدم.
وتماماً كما هو الحال في حرب لبنان الثانية، كان القادة الإسرائيليون في حرب 1973واثقين من أنَّهم «سيحققون نصراً على السوريين والمصريين». وقال ديان، في بداية حرب يوم الغفران: «سيتعلم السوريون اليوم أنَّ الطريق من دمشق إلى اسرائيل، تؤدي أيضاً من أرض إسرائيل غلى دمشق». أقوال تذكّر بتصريحات إسرائيلية قالها وزير الدفاع الحالي بأن «نصر الله لن ينسى من هو بيرتس». لكن النتيجة في كلتا الحالتين كانت مشابهة. لم تسحق إسرائيل سوريا ولا مصر تماماً، كما لم تفعل اليوم أمام حزب الله.
تعرضت إسرائيل إلى ضربات قوية في حرب لبنان الثانية، وكلما عادت جثامين القتلى كان الاحتجاج على القادة يزداد، تماماً كما ازداد في العام 1973، عندما بدأت بوادر الخسارة تظهر للإسرائيليين.
بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل والسوريين والمصريين، لم يع الجمهور الإسرائيلي كيف بدأت الحرب وكيف انتهت في ظل «مزاج انتصار» عربي واضح.
لا تظهر النتائج واضحة اليوم بعد حرب لبنان الثانية لأنها تحتاج إلى وقت. ولكن النتائج كانت في حرب الغفران كالتالي: غورودوش، قائد المنطقة الجنوبية، مات في أفريقيا ولم يعد إلى إسرائيل. دادو (قائد الأركان) تعرض بعد فترة وجيزة لنوبة قلبية عندما كان يسبح. وغولدا مئير استقالت وظل موشيه ديان منبوذاً سياسياً، ولكنه صمم على البقاء إلى حين تعيينه وزيراً للخارجية في حكومة بيغن. وتقول ياعيل، ابنة ديان: «في السنوات الأخيرة من حياته، انهمك والدي كثيراً في استخلاص العبر وتوصل إلى نتيجة تقول إن الحرب لن تأتي بأي حلول».