محمد بدير
عثرت إسرائيل على مادة جديدة يمكن توظيفها في سياق تبرير فشلها أمام حزب الله في العدوان الأخير، لجهة المبالغة في قدرات الحزب وزعم ارتكازه في الحرب على مقومات ضخمة وفرتها له دول بحجم سوريا وإيران.
والجديد الإسرائيلي في هذا الإطار ما ذكرته صحيفة «هآرتس» أمس من أن حزب الله استفاد خلال الحرب من معلومات استخبارية حصل عليها مباشرة من سوريا. وبحسب الصحيفة، التي استندت إلى تقرير نشرته مجلة «جينس» البريطانية المتخصصة في الشؤون الأمنية، فإن المعلومات التي قدّمتها سوريا إلى المقاومة اللبنانية مصدرها محطات تنصت مشتركة سورية ــ إيرانية وسورية ــ روسية موجودة على الأراضي السورية بموجب اتفاقات ثنائية للتعاون الاستخباراتي بين دمشق من جهة وكل من طهران وموسكو من جهة ثانية.
ووفقاً للتقرير البريطاني الذي تنقل عنه «هآرتس»، فإن محطة التنصت الروسية أنشئت قبل سنوات ويجري تشغيلها مشاركة بين الروس والسوريين، وتحصل روسيا، كعائد على بناء المحطة وتشغيلها، على تسجيلات التنصت التي تذهب إلى أجهزتها الاستخبارية، بموازاة استفادة الاستخبارات السورية منها. كما يشير التقرير إلى أن التعاون السوري ــ الروسي يتسع ليشمل مساعدة روسية في تعميق المياه في ميناءي اللاذقية وطرطوس، بهدف السماح بتنفيذ «نشاطات واسعة جداً» فيهما، على حد تعبير «هآرتس»، في إشارة إلى إمكان استخدامهما من الأسطول البحري العسكري الروسي.
وبناء على هذه المعطيات، رأى كبير المحللين العسكريين في «هآرتس»، زئيف شيف، أن «روسيا تكون بذلك ضالعة، بطريقة غير مباشرة، إلى جانب حزب الله في حربه ضد إسرائيل»، مذكّراً بـ«صواريخ ضد الدروع روسية الصنع وصلت إلى مخازن الجيش السوري، ومن هناك إلى أيدي حزب الله»، وهي الصواريخ التي كانت إسرائيل قد تقدمت بشكوى إلى موسكو بشأنها، خلال العدوان على لبنان، بدعوى تسربها إلى أيدي «منظمة إرهابية» تعمل ضد إسرائيل، ووعدت موسكو بإجراء تحقيق في الأمر.
أما محطات التنصت الإيرانية، فيوضح تقرير «جينس» أنها ثمرة اتفاق واسع للتعاون الاستراتيجي بين الدولتين، وُقّع عليه خلال زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى دمشق مطلع العام الجاري، يتضمن، من بين جملة أمور، تعزيز التعاون الاستخباري الإلكتروني. وضمن هذا الإطار، تم الاتفاق على إنشاء أربع محطات تنصّت، أُنجزت منها اثنتان حتى الآن، واحدة في الجزء المحرر من الجولان وأخرى في شمال سوريا، على أن ينتهي بناء المحطتين الأخريين في مطلع عام 2007.
ونقلت «هآرتس» عن «جينس» أن كلفة بناء المحطات البالغة عشرات ملايين الدولارات، رُصدت من موازنات الحرس الثوري الإيراني، وأنه من ضمن مهماتها المفترضة، إضافة إلى التنصت على إسرائيل، جمع المعلومات الأمنية عن كل من تركيا ومصر والسعودية، وكذلك رصد التحركات الأميركية في المنطقة. وبحسب التقرير أيضاً، فإن طهران تصرّ على عدم دخول طواقم روسية إلى محطات التنصت المشتركة بينها وبين دمشق، برغم اتفاق التعاون الروسي ــ السوري في هذا المجال.