محمد بدير
اتفاق يمهّد لمشاركته في الحكومة... وتغيير نظام الحكم

خطا رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت خطوة إلى الأمام نحو تأمين مرتكزات جديدة تسمح لحكومته بالبقاء، بعدما أطاح العدوان على لبنان مشروعه السياسي الذي انتُخب وشكّل الحكومة على أساسه، متمثلاً بـ«خطة الانطواء». فإلى جانب إظهار المرونة الشكلية تجاه المسار الفلسطيني والتي تهدف في جوهرها إلى دفع تهمة الجمود السياسي عن الحكومة، تحرك أولمرت على جبهة الداخل الإسرائيلي سعياً لإعادة هيكلة الحكومة على ما يبدو من خلال ضم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني إليها، انطلاقاً من مشروع مستجدّ يقوم على تغيير نظام الحكم في إسرائيل.
فقد اتفق كل من أولمرت، ورئيس «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، خلال اجتماع عقداه ليل السبت الأحد، على التعاون في تقديم إجراءات تشريعية في الكنيست تهدف إلى سن دستور لإسرائيل وإلى تحويل نظام الحكم فيها إلى نظام رئاسي.
وأجمعت تقديرات المعلّقين الإسرائيليين على أن الاتفاق الذي حصل بين الجانبين، والذي أصدر مكتب رئيس الوزراء، في خطوة لافتة، بياناً رسمياً حوله، يمثّل فقط رأس قمة جبل الجليد، وأنه مقدمة تمهيدية نحو مشاركة ليبرمان وحزبه في حكومة أولمرت.
وأقرّ مقربون من الجانبين أن البحث خلال اللقاء تطرق إلى مواضيع سياسية وائتلافية، وأشاروا إلى أنه، رغم عدم التوصل إلى أي اتفاق في هذا الشأن، أبدى الجانبان استعداداً لانضمام «إسرائيل بيتنا» إلى الحكومة. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن أوساط مقربة من أولمرت قولها إن «ليبرمان شريك مرغوب فيه في الائتلاف الحكومي»، وإن «أولمرت أراد ليبرمان داخل الحكومة منذ البداية، إلا أن الأخير راكم صعوبات دون تحقق ذلك... لكنه الآن معني جداً بالدخول إليها، ربما أكثر من أي وقت مضى، ولذلك تبدو فرص حصول ذلك كبيرة».
وقدر مسؤولون في حزب كديما أن أولمرت يسعى إلى أن تكون بحوزته «خيارات ائتلافية متعددة ومضمون سلطوي جديد» مع افتتاح الدورة الشتوية للكنيست في السادس عشر من الشهر الجاري، وخاصة بعدما «أزيحت خطة الانطواء عن جدول الأعمال في ضوء نتائج الحرب (على لبنان)». ورأى مراقبون أن أولمرت يخطط أيضاً، من وراء تقرّبه من ليبرمان، لأن يحظى بسند احتياطي استعداداً لاستحقاقات مقبلة تتعلق بالموازنة، وبمواجهة حركات تمرد داخل حزبي كديما والعمل.
كما ذكرت مصادر في حزب «إسرائيل بيتنا» أن اللقاء الذي جمع أولمرت وليبرمان قد يوحي بانضمام الحزب إلى الإئتلاف الحكومي. وقالت رئيسة كتلة الحزب في الكنيست، أسترينا تارتمان، إن اللقاء أسفر عن تقلص الفجوات بين مواقف الجانبين، «غير أنه لم يتطرق إلى مسألة الحقائب الوزارية التي قد تسند إلى إسرائيل بيتنا في حال انضمامه إلى الحكومة».
ويشترط حزب ليبرمان، المعروف بتطرفه في قضايا الصراع الإسرائيلي الإقليمي، أموراً عديدة قبل مشاركته في الحكومة، منها إسقاط أي خطة أحادية الجانب من جدول الأعمال السياسي في الموضوع الفلسطيني، والتراجع عن نية إخلاء النقاط الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية، وتشكيل لجنة قضائية مستقلة للتحقيق في نتائج العدوان على لبنان، وتشريع الزواج المدني في إسرائيل، إضافة إلى تغيير نظام الحكم فيها. وفي النقطة الأخيرة يطمح أولمرت إلى نظام رئاسي، أو نظام يمنح رئيس الحكومة صلاحيات واسعة تعزز موقعه في مقابل الإئتلافات الحزبية داخل الكنيست.
وقد قدم «إسرائيل بيتنا» مشروع قانون إلى الكنيست بهذا الشأن، وحصل ليبرمان على وعد من أولمرت بالتصويت لمصلحته في القراءة التمهيدية، وهو ما فسر على أنه انطلاقة بين الجانبين نحو انضمام إسرائيل بيتنا إلى الحكومة. ومن أبرز النقاط في مشروع ليبرمان لتغيير نظام الحكم، إضافة إلى تعزيز موقع رئيس الحكومة وانتخابه بشكل مباشر، رفع نسبة الحسم في الانتخابات إلى عشرة في المئة والفصل بين منصبي النائب والوزير، فلا يحق للأول أن يتداخل مع الثاني.
وأثار خبر اللقاء ردود فعل متحفظة لدى كل من حزب العمل وحزب شاس، اللذين يُعدّان الشريكين الأساسيين في الإئتلاف الحكومي الحالي. فرغم حرص أولمرت على إعلام رئيس حزب العمل، عامير بيرتس، بموضوع اللقاء بشكل خاص، أعرب مسؤولون في الحزب عن استيائهم من الأمر، وذهب بعضهم إلى حد التلويح بالانسحاب من الحكومة في حال انضمام ليبرمان إليها.
وقال الوزير العمالي، إيتان كابل، المقرب من بيرتس، إن «حزب العمل لن يتردد في العودة إلى المعارضة إذا اختار أولمرت ليبرمان»، فيما رأت عضو الكنيست، شيلي يحيموفيتش، أن «انضمام ليبرمان إلى الائتلاف يعني تنازل أولمرت عن كل عملية سياسية مستقبلية. وأضافت من الأفضل أن يبحث رئيس الحكومة والوزراء في أمور ذات قيمة لا عن حلول عبثية لتغيير نظام الحكم».