«معاريف» ــ ايال زيسر
لا يكاد يمر أسبوع من نهاية الحرب في لبنان إلا ويقوم الرئيس السوري بشار الأسد، مبشّراً سكان إسرائيل بخطاب أو تصريح أو مقابلة صحافية، يدعو فيها إلى السلام ويهدد بالحرب.
قبل أسبوعين، أعرب عن رغبته بالسلام في مقابلة مع صحيفة «الباييس» الاسبانية، مع تحذيره من أن الحرب باتت وشيكة. أما في مقابلته مع صحيفة «دير شبيغل» الألمانية، فقال إنه لا يسعى إلى تدمير إسرائيل وإنه يمكن التوصل إلى اتفاق سلام معها في غضون نصف سنة، لكنه حذر من أنه إذا لم يتحقق السلام فستندلع حرب جديدة.
من هنا، فإن ما جاء في مقابلة الأسد لصحيفة «الأنباء» الكويتية، لا يحمل أي جديد. مرة أخرى يعلن بشار عن رغبته في السلام، ومرة أخرى يحذر من الحرب، سواء كانت حرباً تشنها إسرائيل، أو مواجهة تبادر إليها سوريا لاستعادة هضبة الجولان.
لا شك أن بشّار يكثر من الحديث ويقلّل من العمل، وهو ما يمثل إحدى المشاكل المركزية، فلو كان ملتزماً بالسلام لكان قام بما قام به (الرئيس المصري الراحل أنور) السادات وزار القدس وحرّك مسيرة سلمية لا يمكن أن يصدّها أحد.
السلام الذي ينادي به بشار هو سلام مشروط، كي يجري التوقيع على اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا. فعلى إسرائيل أن توافق على المطلب السوري بالانسحاب من كل الجولان حتى حدود الرابع من حزيران 1967، أي إلى شاطئ طبريا، من دون أن تتوقع إسرائيل أي بادرة ديبلوماسية طيبة. وبتعبير آخر، كي يجري فتح سفارة إسرائيلية في دمشق، وربما بعد القيام بذلك أيضاً، فستواصل سوريا مساعدة حماس، والجهاد الإسلامي وحزب الله، بكل ما أوتيت من قوة.
يمكن لنا الادّعاء، حتى في ظل هذه الظروف، أن السلام مع سوريا هو مصلحة إسرائيلية حيوية، لكن يجب لإدارة مسيرة سلمية في ظروف كهذه أن يكون لدى إسرائيل حكومة مستقرة وقوية، وهي حكومة غير موجودة. علماً أنه نُقل هذا الأسبوع عن جورج بوش أنه لا يعتزم عقد صفقات مع متحايل مثل الأسد.
أغلب الظن أن السلام الإسرائيلي السوري لن يكون على جدول الأعمال في الفترة القريبة المقبلة، وبالتالي تبقى دراسة الشق الثاني من أقوال بشار، وهو التهديد بالحرب.
يمكننا أن ننظر إلى هذا التهديد على أنه تهديد غير جدي من رئيس يعيش ضائقة داخلية وخارجية، لكن يجب أن نعترف أيضاً أنه، منذ الحرب على لبنان التي يرى فيها فشلاً إسرائيلياً، رفع بشار من مستوى خطابه عن إمكانية المواجهة، وبالتالي على حكومة إسرائيل أن تتابع بجدية التهديدات التي تصل من دمشق، بغض النظر عن وجهة بشار نحو حرب شاملة، أو نحو مواجهة محدودة.