«معاريف» ــ عمير ربابورت
تعاطت المؤسسة الأمنية مع الرئيس السوري بشار الأسد، وإلى ثلاثة أشهر خلت، كزعيم يهذي. لكن بعد الحرب في لبنان، فإن الغرور الإسرائيلي قد تبدد، وأصبحوا يتعاطون مع أقواله بجدية أكثر، وبالتأكيد لم يعد ممكناً عدم سماع التصريحات الحربية التي تنطلق من سوريا مرة بعد أخرى.
الصلة واضحة بين أقوال الأسد في نهاية هذا الأسبوع والحرب في لبنان. والواضح أن الهدف الأعلى للحرب في لبنان والرامية إلى استعادة قوة الردع الإسرائيلية حيال العالم العربي بمجمله وتلقينهم درساً في أنه «لا يجدي العبث معنا»، لا يجعل بشار الأسد يرتجف من شدة الخوف، على العكس من ذلك، فها هو موجود في «الأعالي»، ويبدو أنه يشعر بأن رهانه على حزب الله وعلى سوريا قد نجح بقوة.
ما الذي يعنيه ذلك؟ هل يتجه الأسد نحو الحرب؟
بحسب التقدير الاستخباري للعام 2007، الذي تبلور في الجيش الإسرائيلي أخيراً وكشفت «معاريف» النقاب عنه للمرة الأولى، فإن احتمالية الحرب مع سوريا قد ارتفعت بالفعل. لكن ذلك لا يعني أن احتمالية الحرب عالية، رغم أن فرصة الحرب لا تزال قائمة، إلا أن المسألة لا تتعلق بمواجهة حتمية، لأن كلاً من السوريين والإسرائيليين لا يرغبون في المواجهة.
هناك أمر واحد شبه واضح: إن الوضع الهادئ الذي ساد مع سوريا طوال 30 عاماً مضت، أي منذ حرب يوم الغفران، على طول الحدود الإسرائيلية ــ السورية، لن يبقى على حاله.
خلال الحرب الإسرائيلية مع حزب الله في لبنان، ارتفع التوتر مع سوريا إلى حد كبير، ثم عاد التوتر إلى الانخفاض ولكن ليس بشكل كلي، فالطرفان يحتفظان على جانبي الجولان بقوات أكبر وعلى جهوزية أكبر مما كانت عليه قبل 12 تموز الماضي. فضلاً عن ذلك، فإن المؤشرات تفيد عن اعتزام سوريا تفعيل خلايا إرهابية ضد دوريات الجيش الإسرائيلي بهدف تسخين الحدود.
في ضوء هذه الإشارات، بات الجيش الإسرائيلي مستعداً لتغيير طبيعة النشاط الأمني الجاري في هضبة الجولان، وقام بتعزيز قواته هناك بقوات نوعية وبأعداد اكبر مما كانت عليه في الماضي.
هناك طريقة عمل أخرى ماثلة أمام سوريا، في ضوء ما يشخصه الأسد كضعف إسرائيلي، سواء عن حق أو عن غير حق، وهو في العمل على تسخين الحدود بين إسرائيل ولبنان مرة أخرى بواسطة حزب الله.
رغم كل ذلك، يحتمل أن ينشأ السلام مع سوريا، وبالذات من خلال التوتر والتصريحات الحماسية، لكن ثمن السلام معروف مسبقاً: انسحاب إسرائيلي كامل، حتى آخر متر في الجولان، وهو تطور لا يمكن استبعاد تحققه أيضاً.