مهدي السيد
رغم حرص المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل على إظهار اللامبالاة إزاء ما يحصل على الحلبة الفلسطينية، يحرص كثير من المراقبين على التحذير من مخاطر التعاطي الإسرائيلي بما يؤسس لـ «انتفاضة ثالثة»

تستحوذ تطورات المشهد الفلسطيني على اهتمام عدد من المحللين والمراقبين، الذين يسلطون الضوء على تطورات الأحداث على الساحة الفلسطينية، محاولين استطلاع آثارها وتداعياتها على الوضعين الفلسطيني والإسرائيلي، نظراً لوجود ترابط وتفاعل بين ما يحصل على الساحتين، مع الإشارة إلى الدور الإسرائيلي المباشر وغير المباشر في الوضع المأزوم الذي وصلت إليه الأمور في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تحمّل تل أبيب لجزء كبير من المسؤولية عن أي انعكاسات سلبية تطرأ على الوضع الإسرائيلي جراء الأزمة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، حمّلت أورلي نوي، في «يديعوت أحرونوت»، «نمط السلوك الإسرائيلي على الحلبة الفلسطينية» مسؤولية ما يحصل.
وعن تأثر إسرائيل بهذه الأحداث، قالت نوي إنه «يمكن لإسرائيل مواصلة التعامل مع الفوضى العنيفة على أنها شأن فلسطيني داخلي؛ بيد أن جذور هذه المواجهة الخطيرة مغروسة في قلب السياسة الإسرائيلية التي اهتمت بإضعاف الطرفين، فتح وحماس، بشكل متساوٍ، بحيث لا يستطيع أي منهما السيطرة على المناطق الفلسطينية بشكل فعال».
وتطرقت نوي إلى نمط تعاطي إسرائيل مع الأطراف الفلسطينية الفاعلة، ولا سيما مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، فأشارت إلى أنها تعاملت معه منذ يوم انتخابه «أداة فارغة، ورجلاً ضعيفاً وعاجزاً، وهي بذلك هيأت الأرضية لسقوطه في انتخابات البرلمان ولصعود حماس إلى السلطة».
أما بالنسبة لتعاطي إسرائيل مع حركة حماس بعد توليها السلطة، فلم تكتفِ إسرائيل، بحسب نوي، بسياسة «اللا شريك» تجاه هذه الحركة الفلسطينية، بل عمدت إلى إخضاعها من خلال اختطاف منتخبيها وتجويع ناخبيها.
وتطرقت نوي إلى «المشهد الذي تقوم إسرائيل بإخراجه من خلال ممارساتها طوال العام الذي انقضى على الانسحاب من غزة، والمتمثل بتحويل القطاع إلى طنجرة ضغط مع فتيل قصير جداً، ينتظر مجيء الانفجار. وذلك عبر سياسة الحصار والتجويع».
وإذ أشارت نوي إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت متأكدة من أنها مسألة وقت فقط حتى ينهار القطاع ويسقط في فوضى عنيفة، قالت إنه «يمكنها الآن أن ترفع شارة النصر إلى جانب الهدف الذي وضعته لنفسها منذ زمن».
وحذرت نوي «جميع الفرحين من محنة الفلسطينيين، الذين يقتل بعضهم بعضاً الآن» من أن ثمة نهاية وخاتمة لهذا المشهد. وسيأتي يوم، بحسب نوي، يطلبون فيه وضع حد لسفك الدماء والتوحّد حول هدف مشترك. عندها، لا يوجد هدف يمكنه أن يوحد حوله الفصائل المتنازعة أكثر من مقاومة الاحتلال، «وهكذا تُحضر إسرائيل بيديها الانتفاضة الثالثة حتى قبل أن تلفظ الانتفاضة الثانية أنفاسها».
بدوره، توقف مراسل الشؤون الفلسطينية في «هآرتس»، داني روبنشتاين، عند الخطاب الأخير الذي ألقاه رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية، فأشار إلى أن فحص مضمون الخطاب يشير إلى وجود إشارات أولية لليأس وللضائقة.
وبحسب روبنشتاين، فإن «ثمة أسباباً تدفع هنية لأن يعاني من مزاج سيئ ومن توقعات سوداوية. فالحصار على حكومة حماس، الذي فرضته إسرائيل ودول العالم وكذلك دول عربية، إضافة إلى الخصوم الفلسطينيين من فتح، يُعطي نتائجه».
ويرى روبنشتاين أن «نغمة كلام أبو مازن، أو تهديداته، تجاه حماس تُسمع الآن بشكل أوضح. فكل العالم يؤيد أبو مازن ويقترح عليه إقالة حكومة حماس، وتكليف شخصية محايدة مهمة تشكيل حكومة والإعلان عن انتخابات في السنة المقبلة. والكل يُعلن أنه يتعين تعزيز أبو مازن».
ويشير روبنشتاين إلى أن «ثمة شكاً في ما إذا كان هذا كله يساعد في شيء. فحماس لن تخضع بسهولة.
وأحد الطرق لدى قيادة حماس للرد على إقالة حكومتهم على يد أبو مازن هو التوقف عن وقف النار والشروع في حملة عمليات داخل إسرائيل؛ ولديهم الوسائل والقدرة على فعل ذلك».
ويرى روبنشتاين أن «من الصعب رؤية جهة سياسية فلسطينية تقف في مقابل حماس وتحل مكانها في السلطة. فقيادة فتح متفككة، ولا يوجد حتى إشارة إلى بدء الاصلاحات في الحركة، والخصومة بين الشباب والقدامى لم تتوقف للحظة. وأضاف «وبالتالي فإن الوضع الذي قد ينشأ جراء سقوط حماس يمكن أن يكون أسوأ بكثير».