القاهرة | أنهى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أي فرصة لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة عبر المحكمة الدستورية التي يرأسها المستشار عدلي منصور، بعدما أعدت الرئاسة مشروعاً لتعديل القرار الجمهوري الخاص بتنظيم عملية الطعون على القوانين الخاصة بالانتخابات، وقد أقره منصور خلال توليه الرئاسة مؤقتاً بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي.
وكان القانون قد وضع في عهد منصور لتحصين البرلمان المقبل من الحل، على غرار ما حدث مع أول برلمان منتخب عقب «ثورة 25 يناير» حينما سيطرت عليه جماعة «الإخوان المسلمين»، ففي ذلك اليوم صدر حكم «الدستورية» بحل البرلمان بعد سبعة أشهر تقريباً من انتخابه. والآن سيعدله السيسي بموافقة منصور الذي عاد إلى رئاسة للمحكمة الدستورية، ليحقق بذلك الأول تعهده الذي تحدث عنه قبل أسبوع بشأن عقد الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، وتحديداً في أيلول المقبل.
بموجب الإجراء الجديد البرلمان مهدد بالحل إذا ما عارض الرئيس

يشار إلى أن الرئاسة أرسلت التعديلات المقترحة على القانون إلى الجمعية العامة للمحكمة الدستورية، وتضمنت التعديلات إلغاء المدد الزمنية التي حددها القانون بالفصل في الطعون لتكون المدة مفتوحة مع زيادة المدد الزمنية المتعلقة بتقديم المذكرات والطعون، على أن يكون لهيئة المحكمة تحديد الوقت الذي تراه مناسباً في نظر الطعون والفصل فيها، وقد انعقدت الجمعية العمومية بصورة طارئة السبت الماضي، وقررت الموافقة على التعديلات المقترحة.
وفيما عملت الرئاسة بمضمون الدستور في إرسال القوانين إلى المحكمة، فإن الموافقة من الجمعية العامة للمحكمة جاءت مدعومة برغبة في ألا تتورط المحكمة مجدداً في تأجيل الانتخابات، ولا سيما أن «شبهة عدم الدستورية» لا تزال تلاحق مشاريع القوانين التي تعدها الحكومة. المؤكد الآن، أنه برغم ضمان أن التعديلات الجديدة فور إقرارها من السيسي (باعتباره يمتلك سلطة التشريع لغياب البرلمان) تضمن إجراء الانتخابات النيابية في أيلول المقبل، فإنها لا تشكل ضمانة لتحصين البرلمان من الحل في أي وقت، بالإضافة إلى إمكانية استغلال قرار الحل سياسياً لإخراجه في أي وقت يعارض فيه البرلمان قرارات الرئيس ومشروعاته.
وتعود التعديلات التي يرجح بعضهم أنها مؤقتة لانتخاب البرلمان المقبل فحسب، ثم ستجري إعادة تعديل القانون لاحقاً من البرلمان نفسه الذي ستنتقل إليه سلطة التشريع فور انتخابه، ولكن وجود دعاوى قضائية لعدم دستورية القوانين التي جرت على أساسها الانتخابات يمكن استغلاله من المحكمة سياسياً بإصدار حكم بحل البرلمان في أي وقت يفكر فيه البرلمان بإصدار قوانين تتعارض مع وجهة نظر الرئيس، أو في حالة سيطرة أغلبية مناهضة لسياساته داخلياً أو خارجياً.
ولا تعطي التعديلات الجديدة للقانون سلطة للقضاء بالتدخل في السياسة فحسب، ولكنها تبقي المحكمة الدستورية في موضع الشبهات دوماً حتى انقضاء مدة انتخاب البرلمان المقبل، ولا سيما أن أي حكم منها ببطلان القوانين سيؤدي إلى حل البرلمان بالتبعية وإهدار أكثر من 100 مليون دولار ستنفق على الانتخابات، وهي خطوة سبق أن فعلتها «الدستورية» في أعوام 1987 و2000 و 2012.
مصدر رسمي أكد لـ«الأخبار» أن هناك رغبة جادة في إجراء انتخابات البرلمان في أيلول بعد استكمال التعديلات على قانوني تقسيم الدوائر ومجلس النواب وتحديد المقاعد لكل محافظة، مشيراً إلى أن صدور التعديلات الجديدة ستمكن الدولة من انتخاب البرلمان في المواعيد التي ستحددها لجنة الانتخابات قبل نهاية العام الجاري. وأضاف المصدر أن الرئيس لم يملك سوى هذا الخيار، وخاصة أن المادة 102 من الدستور تنص على مراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات «فيما يمنع الدستور إجراء أي تعديلات عليه قبل انتخاب البرلمان»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مستشاري السيسي هم من بادروا باقتراح تعديل القانون، بل «لقي الأمر قبول أعضاء المحكمة الدستورية وفي مقدمتهم رئيسها منصور».
كذلك، أكد المصدر أن التفكير في تعديل قانون المحكمة جاء في ظل عدم توافق الأحزاب على نظام انتخابي دستوري، في وقت أرسلت فيه الحكومة ما يفيد بموافقة الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، ما يمهد بمراجعة مدى دستورية التعديلات المقترحة بعد أن ينظر قسم الفتوى والتشريع التعديلات في إقرارها قبل رفعها للرئيس لإصدارها رسمياً قبل نهاية الشهر الجاري، وهو ما يعني حتماً وقف الفصل في أي طعون يمكن أن تقدم على قوانين الانتخابات قريباً.