مهدي السيد
الإسرائيليون يراجعون النظرة إلى أنفسهم، سلسلة فضائح بدأت مع الإخفاق في لبنان، ووصلت إلى الفساد والتحرشات الجنسية، التي عمّت الساحة السياسية الإسرائيلية، وبدأت تطرح تساؤلات بلا إجابة

عواصف الأزمات، التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي وطالت المؤسسات الرئيسية في الدولة، أدت إلى اهتزاز الثقة العامة بهذه المؤسسات، بدءاً من الجيش ومروراً بمؤسسة رئاسة الدولة ووصولاً إلى مؤسستي رئاسة الحكومة والكنيست، ولا سيما أن فضيحة «الاغتصاب» المتهم بها الرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف وصلت إلى منحى مفصلي، سيتحدد بعده استمراره في منصبه أو اعتزاله الحياة السياسية تمهيداً لمحاكمتهوركزت الصحف الإسرائيلية اهتمامها على فضيحة كتساف. وعبّر إيتان هابر، في افتتاحية صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن مشاعر الأسى والحزن التي تنتابه، جراء الأزمات والفضائح في إسرائيل. ووصف حالة إسرائيل الآن قائلاً إن «دولة إسرائيل تمر الآن بواحدة من مراحل السقوط، ولحظات الإذلال الأصعب منذ ولادتها. فلو أن الدولة كانت تستطيع البكاء، لكنّا نغرق الآن في بحر من الدموع».
ووصف هابر الحالة السيئة بالقول إنه «في لحظة واحدة، تهتز أمام أعيننا أسس هذه الدولة اليهودية، وشخصيتها، وقوانينها، وحياتها ــ رئيس الدولة، والكنيست، والحكومة الاسرائيلية، والجيش الاسرائيلي».
ويشير هابر إلى سبب هذا الانطباع بالقول إن «المواطن الرقم واحد مشتبه فيه بارتكاب مخالفات جنسية واغتصاب، والحكومة شاذة تبحث بلهفة عن أجهزة إنعاش وزجاجات الأوكسيجين، والكنيست يهزأ ويسخر ممن اختاره رئيساً للدولة، والجيش الاسرائيلي الذي آمنّا دوماً بقدرته ورأينا فيه ركيزة لشعورنا بأمن الدولة، قد انكشف في احتيالاته».
ويتساءل هابر عما «يمكن فعله، ومن أين يمكن البدء في إصلاح الدولة، ومع من؟ مع قادة الجيش الاسرائيلي؟ ماذا نفعل؟ مع نواب الكنيست؟ مع الرئيس في بيت الرئيس؟ فهل نقوم بشنق هذا الرئيس النازف في ساحة المدينة؟».
ويخلص هابر إلى دعوة أعضاء الكنيست إلى «التفكير قليلاً فقط بالدولة وبنا، وليس بأنفسهم فحسب. فكيف وصلنا إلى مثل هذه النقطة المذلة، وكيف بحق الشيطان يمكن الخروج منها في ظل عدم وجود رؤية للإصلاح؟».
وتوقفت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، عند ضرورة تقديم كتساف استقالته «كي يكون في الإمكان محاكمته»، مطالبةً الكنيست بإرغام الرئيس على الاستقالة في حال امتناعه عن القيام بذلك، ومحذّرةً من امكانية استغلاله للقانون الذي يحجب عنه المحاكمة ما دام في منصبه.
وقالت «هآرتس» إنه «حتى قبل أسبوع تقريباً، كان استعمال كلمة اغتصاب، في سياق توضيح أعمال رئيس الدولة وأفعاله، يبدو مبالغاً فيه. أما الآن، فقد اتضح بأن هذا هو بالضبط البند الأساسي الذي توصي الشرطة بمحاكمة الرئيس بناءً عليه. وأصبحت الكرة في ملعب الرئيس ما دام يقوم بأعماله، وذلك لأنه بموجب القانون، وحتى لو بلور المستشار القانوني للحكومة صيغة للائحة اتهام ضده في مخالفات جنسية خطيرة، فلا يمكن البدء بمحاكمته ما بقي يتصرف كرئيس».
وأضافت «هآرتس» «لذلك يجب على الكنيست في اللحظة التي يوصي فيها المستشار القانوني للحكومة بتقديم لائحة اتهام، أن يقوم بواجبه ويعمل على قرار لإقالة الرئيس مباشرة من وظيفته، ذلك أن عملية الاقالة المنصوص عليها في القانون وضعت خصيصاً لمثل هذه الحالات. واذا لم يقوموا بتفعيل هذا القانون ويعملوا كما يملي عليهم، فلا يمكن ان يواصل الرئيس عمله ويستمر وجوده في منصبه حتى ولو لمدة سنة واحدة أخرى، وذلك بفضل الحصانة التي لا تعطى لغيره من المواطنين الآخرين المتهمين بتهم مماثلة».
وترى الصحيفة أن «كتساف سيقدم استقالته بإرادته من دون شروط»، ولكن «لا يمكن التساهل في وضع يقوم فيه الرئيس بالانغلاق على نفسه داخل بيته للتهرب من تنفيذ العدالة، أو لكي يتمكن من ضمان تسهيلات أو إقالة لا يحظى بها أحد من المواطنين العاديين في الدولة».