مهدي السيد
خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت في الكنيست يوم الاثنين الماضي، وإصراره على دعوة الحكومة اللبنانية ورئيسها فؤاد السنيورة إلى الالتقاء وصنع السلام، في مقابل رفض دعوات السلام السورية، لا يزال يثير الكثير من التساؤلات في الصحف الإسرائيلية حول المنطق الذي يحكم السلوك السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية.
وطرح العديد من المحللين تساؤلات حول خلفية التناقض الظاهر في سلوك أولمرت، والأهداف الحقيقية لهذا السلوك ومدى حكمته وجدواه. وأعرب مراسل الشؤون العربية في صحيفة «معاريف»، جاكي حوجي، عن دهشته للدعوة التي وجهها أولمرت إلى السنيورة. ورأى أنها تشبه حال جارين «يوجه أحدهما فجأة شتماً لاذعاً الى الآخر. وفي رد على ذلك يمسك المشتوم بجاره، ويلكمه في وجهه، ويسقطه أرضاً، ويركله، ولا يسكن حتى تتكسر أضلاعه وينزف جسمه دماً. وفي النهاية، بعد أن ينجح سكان البيت في الفصل بينهما، يمد المشتوم يده الى جاره، ويبتسم في وجهه ويقول: اترك السخافات، تعال نصنع صلحاً».
ويعرب حوجي عن دهشته لدعوة أولمرت تجاه لبنان وتجاهله لسوريا، ويشبّهها بـ«العالم المقلوب». ويقول إن «دولة هاجمناها 33 يوماً بالقنابل، نقصفها باقتراحات الصداقة، رغم أنها غير ناضجة لذلك. في مقابلها، هناك جارة أخرى يرسل رئيسها إلينا صباح مساء دعوات السلام، ويحظى بتجاهل عنيد».
ويشير حوجي إلى الأوضاع الداخلية في لبنان في أعقاب الحرب والاتهامات التي توجه إلى السنيورة، وإصرار إسرائيل على عدم سماع الأصوات الداخلية، ويدعو حوجي أولمرت إلى ترك السنيورة وشأنه لأنه «زعيم حساس، ومعتدل وراغب في السلام، ويريد في أعماق قلبه التفاوض معك. ولكن في لبنان تشرين الأول 2006، هذا خط أحمر. دع اللبنانيين ينضجون في المرق الجديد الذي طبخته لهم. ستكون بعدُ تطورات. لأنهم يبغضون نصر الله أكثر منك. تابع ما يحدث من بعيد. إذا حانت لحظة رمي حجر ما في البئر، فاجلس إلى خبرائك وصُغ سطراً ذكياً، تُفصح فيه عن الفرصة المناسبة».
في السياق ذاته، تطرّق المحلل السياسي في «هآرتس»، ألوف بن، إلى موقف أولمرت الرافض للدعوات السورية، معتبراً أن أولمرت سيجد صعوبة في توضيح قراراته وطريقة اتخاذها في مواجهة لجنة تحقيق رسمية أو محكمة تاريخية إذا ما قامت بتقصي الحقائق حول سياسته تجاه سوريا منذ أن توقف إطلاق النار في لبنان.
وأشار بن إلى أنه «في آخر صيف 2006، اتخذ أولمرت قراراً استراتيجياً مفاده أن الاحتفاظ بالجولان جيّد لإسرائيل حتى في ثمن الحرب مع سوريا، وأنه لا مجال للتحقق من المسار السياسي مع السوريين».
ويتساءل بن «على أي أساس اتخذ أولمرت قراره الاستراتيجي؟ وهل جربت إسرائيل فحص اقتراحات الأسد السلمية بصورة سرية؟ وهل قام اولمرت بدراسة خطط الجيش في مواجهة السوريين؟ أو استعدادية الجبهة الداخلية لصواريخ السكود السورية؟ أو الردود على اندلاع أعمال المقاومة من الجولان؟ أو تهديدات الجيش الإسرائيلي الرهيبة بتدمير محطات الطاقة والبنى العسكرية في سوريا إذا قام الأسد بالهجوم؟ وربما يعود ذلك حقيقة الى أن اولمرت قد استوعب الدرس من لبنان ويخشى من عدم قدرة الجيش الاسرائيلي على الدفاع عن اسرائيل من دون سيطرة على الجولان؟».
وتوقف رئيس «معهد بيرس للسلام» أوري سافير أمام المصلحة الإسرائيلية من تحريك المسار السوري، والموقف الأميركي المعارض بشدة للتفاوض الاسرائيلي ـ السوري. ويرى سافير، في «يديعوت أحرونوت»، أن «لإسرائيل مصلحة استراتيجية في حلّ محور الإرهاب: إيران، سوريا، حزب الله وحماس. وانه يمكن فعل ذلك بالتفاوض السياسي مع السوريين، الذي يقترحه من آن لآخر رئيس سوريا بشار الأسد»، مشيراً إلى أنه من المسلّم به أنه يتعين خلال التحضير للتفاوض الطلب الى السوريين أن يكفّوا عن تأييد حماس وحزب الله.