strong> مهدي السيد
جنود دخلوا بنت جبيل لالتقاط صورة «انتصار» فكانت نيران المقاومة بانتظارهم

هزّت شهادة ضابط في الاحتياط أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي، بعدما كشف فيها أنّ ثلاثة جنود إسرائيليين قتلوا على أيدي المقاومة اللبنانية عندما كانوا في مهمة «التقاط صورة انتصار مع علم إسرائيل على سطح أحد المباني السكنية». وأثارت هذه الشهادة، التي وصفتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» بـ«الرهيبة»، غضب أعضاء اللجنة الذين طالبوا قائد الأركان دان حالوتس بـ«فحصها فوراً واستخلاص العبر منها».
في هذا الوقت، أمر قائد أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس، بـ «زيادة التدريبات في فرق الجيش الدائمة وفرق الاحتياط على حد سواء».
وقال مراقبون عسكريون إن الجيش الإسرائيلي يتجه في هذه الأيام إلى مسار يتلخص بعبارة «المشقة في التدريبات (من أجل) السهولة في المواجهات». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن الجنود الإسرائيليين «سيتلقّون تدريبات كانت متبعة قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية»، مبينةً أن «هذا البرنامج سيأخذ ترجمته العملية حتى نهاية عام 2007».
وقررت القيادة العسكرية الإسرائيلية «تجنيد جميع فرق الاحتياط خلال العامين المقبلين للتدريبات». وأوضح مسؤول عسكري «ان الوضعية لن تعود إلى ما كانت عليه»، مشيراً إلى أن «كل ألوية الجيش الإسرائيلي ستجري تدريبات تجمعها مع قوى المدرعات والهندسة».
واعتاد الجيش الإسرائيلي، على مدار سنوات مضت، على التدريبات ضمن وحدات صغيرة، في وقت استمر عمل الوحدات الأخرى كالمعتاد. وسيتم خلال العام المقبل تجنيد الاحتياط، ليس فقط من أجل التدريبات، وإنما لتبادل «أدوار الحملات العسكرية»، وستتم زيادة الميزانية المخصصة للتدريبات من 500 مليون شيكل إلى 900 مليون.
ويأتي هذا القرار ليس فقط في أعقاب حرب لبنان الثانية، حسبما قال مسؤولون عسكريون، وإنما أيضاً نتيجة «التوترات على الحدود الجنوبية مع غزة».
وأفاد الضابط أيال بلوم، في شهادته أمام الكنيست، بأن وحدة من لواء المظليين، يخدم فيها، تلقّت قبل أسبوع من الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، أوامر بالتوجه إلى بنت جبيل، واعتلاء أحد سطوح البيوت في المدينة، والتقاط صورة هناك «تثبت بأنّ الجيش الإسرائيلي سيطر على مدينة بنت جبيل بعد المواجهات العنيفة التي حدثت هناك».
وأضاف بلوم أنه عندما دخلت الوحدة «لتنفيذ المهمة» هاجمها مقاتلون من حزب الله وأطلقوا عليها صواريخ مضادة للدروع أدّت إلى مقتل ثلاثة منهم. وأشار بلوم إلى أن «عدداً آخر من الجنود قتلوا عندما تم إرسال فريق إنقاذ لتخليص الفريق الأول»، مبيناً أن «الجنود شعروا في تلك اللحظة أن المهمة أعدَّت لرفع المعنويات لا أكثر».
وكشف بلوم، من خلال شهادته، أنّ قائد المنطقة الشمالية المستقيل، أودي آدم، قال للجنود بعد الحادثة «إن قرار السيطرة على بنت جبيل اتخذ خلافاً لإرادتي».
وتأتي شهادة بلوم ضمن سلسلة شهادات استمعت إليها لجنة الخارجية والأمن الإسرائيلية برئاسة عضو الكنيست تساحي هنغبي.
ورأى عدد من أعضاء اللجنة أن الشهادة «رهيبة». وقال عضو اللجنة من حزب ميرتس ــ ياحد، ران كوهين، إن الحكومة الاسرائيلية «لا تستغل الجيش الاسرائيلي من أجل الدفاع عن مواطني الدولة، بل من أجل التظاهر والتفاخر فقط»، فيما ادعى حالوتس، عندما سئل عن شهادة بلوم، أنه «لا يعرف عن هذا الموضوع شيئاً»، معتبراً أنه في حال ثبوت صحة هذه الشهادة «فسيكون هذا الحادث خطيراً للغاية».
وفي هذا السياق، نشرت «يديعوت أحرونوت» نتائج أولية للتحقيق الذي يتناول مقتل تسعة جنود إسرائيليين وإصابة 31 آخرين بجراح، في قرية دبل، جراء تعرّض المنزل الذي تواجدوا فيه لقصف بصاروخين مضادين للدروع. ويكشف هذا التحقيق عن «إخفاقات شديدة الخطورة تستوجب استخلاص نتائج شخصية على مستوى قادة اللواء والكتائب والفرق»، على حدّ قول الصحيفة، التي تضيف أنه «يتبيّن أنّ وحدتين من جنود الاحتياط تابعتين للواء جنود الاحتياط، يبلغ عدد أفرادهما 110، دخلتا إلى منزل مؤلف من طبقتين وذلك خلافاً لتوجيهات واضحة خلال الحرب تحظر القيام بذلك، ما جعل هؤلاء الجنود لقمة سائغة أمام نيران حزب الله».
ويشير التحقيق أيضاً إلى أن «هذه العملية التي تمّت في 8 آب 2006 بدأت متأخرة عن موعدها في ساعات الليل، وكان القمر في تلك الليلة بدراً. ولذا، فقد كان لواء جنود الاحتياط مكشوفاً فضلاً عن أنّ حركته كانت بطيئة جداً. وقد اختلطت الكتائب ببعضها بعضاً، إلى درجة لم يعد معروفاً فيها خلال مراحل معينة من يقود من».
وبحسب الصحيفة، ثمة تقصير آخر يتطرّق إليه هذا التحقيق يتعلق بإنقاذ الجرحى الذين انتظروا عملية إخلائهم من المنطقة. فقد تمّ الاعتناء بهؤلاء الجرحى خارج المنزل المذكور. وطوال الفترة التي جرى فيها الاعتناء بالجرحى كانت قوة الجيش عرضة لنيران قذائف وصواريخ حزب الله، «وفقط بأعجوبة لم تقع إصابات أخرى».
وتطرق المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، إلى التحقيق الخاص بعمل الفرقة 162 في القطاع الأوسط، وكانت مسؤولة عن المعارك التي حصلت في محيط بلدتي الطيبة ومركبا، وخاضت في ما بعد معركة في وادي السلوقي أسفرت عن سقوط الكثير من القتلى فيها.
وبحسب هارئيل، فقد انتقد التحقيق بقاء ضباط الفرقة الكبار، وفي طليعتهم قائدها، العميد غاي تسور، بعيدين عن الجبهة في حين كان جنودهم يخوضون المعارك على أرض لبنان. كما انتقد ما سماه «مستوى التأهيل الإشكالي» الذي عانت منه وحدتا سلاح البرية وسلاح المدرعات التابعتان لهذه الفرقة. كذلك انتقد التحقيق العسكري قيادة المنطقة الشمالية، وعلى رأسها قائد المنطقة، الجنرال أودي آدم، التي لم تفعّل القوات التابعة لها، بل كانت مجرّد قناة بين هيئة الأركان العامة للجيش وبين الفرق المقاتلة. ووصفت مصادر عسكرية مسؤولة النقد الذي اشتمل عليه التحقيق بأنه «حادّ للغاية لكنه غير قاتل».