strong>محمد بدير
«العمل» باقٍ في الحكومة إلى جانب ليبرمان: كي لا ننجر إلى حروب استعراضية

اجتاز رئيس حزب العمل، عامير بيرتس، امتحاناً صعباً لزعامته المتصدعة، ونجح في استقطاب حزبه إلى تبني موقفه المؤيد للبقاء داخل الحكومة رغم انضمام أفيغدور ليبرمان إليها، مستغلاً منبر المناسبة لإعلان تصدي حزبه لمحاولات الحؤول دون دفع «الخيار (السياسي) السوري» قدماً.
واختار بيرتس، مناسبة التصويت على بقاء حزبه في السلطة داخل اللجنة المركزية للحزب، ليعيد صياغة المبررات الوجودية لمشاركة «العمل» في الحكومة، فدعا إلى تبني مبادرة سياسية مع سوريا والدول العربية. وقال بيرتس، في كلمة له أمام اللجنة المركزية لحزب العمل في تل أبيب أمس، إن «أصوات سلام وأصوات حرب تصدر من جانب سوريا، وإسرائيل مستعدة لمواجهة التهديد من اتجاه سوريا، لكن في الوقت نفسه على حزب العمل أن يقود الخيار السوري لكونه خياراً رئيسياً». ورأى بيرتس أنه ينبغي تشكيل طواقم استعداداً لمفاوضات محتملة مع سوريا، ودعا في الوقت نفسه إلى فحص مبادرة السلام السعودية التي كانت القمة العربية قد أقرتها في بيروت عام 2003.
وكانت اللجنة المركزية لحزب العمل، التي تضم نحو ثلاثة آلاف عضو، قد التأمت مساء أمس في ظل أجواء مشحونة سادها مستوى مرتفع من التوتر وصل إلى حد الاعتراك بالأيدي، وقررت بغالبية كبيرة الإبقاء على الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل، من خلال التوصية بالتصويت الحكومي والبرلماني لمصلحة بقاء الحزب فيه، رغم انضمام أفيغدور ليبرمان وحزبه اليميني المتطرف، «إسرائيل بيتنا»، إليه. وشهد اجتماع اللجنة المركزية للحزب تجاذباً كبيراً بين معسكرين، مؤيد ومعارض، يتزعم الأول رئيس الحزب، عامير بيرتس، ومعه معظم قيادة الحزب الوزارية والنيابية، في حين يقود الثاني وزير الثقافة من الحزب، أوفير بينيس، ومعه سبعة من أعضاء الكنيست التابعين لكتلة الحزب البرلمانية.
وخُصص الاجتماع للحسم بين اقتراحين قدمهما المعسكران المتنافسان، يعكسان رأي كل معسكر في القضية موضع الخلاف، وهي الموقف من مشاركة ليبرمان في الاتئلاف الحكومي. ويدعو الاقتراح الذي تقدم به معسكر بيرتس إلى البقاء في الحكومة انطلاقاً من «المسؤولية الوطنية ومن أجل دفع القضايا الاجتماعية والسياسية قدماً»، على أن يعيد الحزب النظر في هذا الموقف العام المقبل بناء على الإنجازات التي تحققت في هذا الإطار.
أما الاقتراح الآخر، الذي حمل توقيع كل من بينيس، وأعضاء الكنيست داني ياتوم وأفيشاي بروفيرمان وناديا حلو وغالب مجادلة، فيدعو إلى انسحاب الحزب من الحكومة، مشيراً إلى أن «الاتفاقات الأخيرة بين أولمرت وليبرمان، وبين أولمرت وبيرتس، تشكل نقضاً للتعهدات التي التزم بها حزب العمل أمام ناخبيه». وطالب أنصار هذا المعسكر، ومعظمهم مما يعرف بـ«الحرس الشاب» داخل الحزب، بأن يكون التصويت سرياً ضماناً لعدم خضوع أعضاء اللجنة لتأثيرات خارجية في تصويتهم، إلا أن مطلبهم لم يُلبَّ بحجة أنه لم يستوف الشروط القانونية المطلوبة. وبحسب مراقبين فإن فرص فوز هذا المعسكر كانت ستتعزز جداً لو تحقق مطلب التصويت السري، إلا أن هيئة الالتماسات في الحزب قررت خلاف ذلك.
وشدد بيرتس، في كلمته، على المهمة «الكابحة» التي سيكون على حزبه أن ينفذها داخل الحكومة في مقابل ليبرمان، فأكد على عدم السماح للأخير بجر إسرائيل إلى «حروب استعراضية» أو التفرد بتوجيه السياسة الإسرائيلية في الملف النووي الإيراني بوصفه «قضية قومية وليست ليبرمانية». كما شدد بيرتس على أنه لن يكون لليبرمان موطئ قدم في وزارة الدفاع، وأعلن مضيه في إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية «بالاتفاق أو من دون الاتفاق مع المستوطنين».
ورغم حسم حزب العمل أمر بقائه في الحكومة، بدا أن ثمة عائقاً أخيراً يواجه أولمرت قبل طرح توسيع الائتلاف الحكومي للتصويت غداً في الحكومة والكنيست، ويتمثل بموقف حزب المتقاعدين الذي يلوِّح بمعارضة الخطوة إذا لم تلبّ مطالبه المتعلقة بتعديل بعض بنود موازنة العام المقبل، وخاصة إلغاء الاقتطاعات المقررة في مخصصات العجزة.
وفي السياق، دعت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، في اجتماع عقدته أول من أمس، أعضاء الكنيست العرب في حزب العمل إلى ترك الحزب احتجاجاً على انضمام ليبرمان وحزبه إلى الحكومة. كما دعت اللجنة، التي تُعَد المرجعية السياسية العليا لفلسطينيي الداخل، في بيان، المجتمع الدولي إلى مقاطعة الحكومة الإسرائيلية في حال دخول ليبرمان إليها، معتبرة الأمر «تهديداً وجودياً على الجمهور العربي ومحاولة لسلبه مواطنيته في بلاده».