محمد بدير
لم يكد أفيغدور ليبرمان يضع رجله داخل الحكومة الإسرائيلية حتى بدأت تتجلى بعض الترجمات العملية لطروحاته العنصرية تجاه فلسطينيي 48، وأعضاء الكنيست منهم على وجه الخصوص. فقد قدمت رئيسة كتلة حزب «إسرائيل بيتنا» النيابية، أسترينا طيرطمان، مشروع قانون أمام لجنة الكنيست، يخوّله فصل أي نائب فيه بغالبية 80 صوتاً، إذا نفى وجود إسرائيل دولةً ديموقراطية أو أيّد الكفاح المسلح ضدها أو مارس التحريض على العنصرية. وأثار مشروع القانون، الذي يعكس في الواقع آراء كان قد صرح بها رئيس الحزب أفيغدور ليبرمان تجاه أعضاء كنيست عرب، عاصفة من الردود داخل مبنى البرلمان، وخاصة عندما طلبت طيرطمان تسريع الإجراءات التشريعية لمشروع القانون استثنائياً.
ورأى أعضاء الكنيست العرب أن القانون المقترح موجّه إليهم على وجه الخصوص، وإن كانت صيغته مقنّعة بالأحكام العامة، لا سيما أن بنوده تتحدث عن ممارسات يُتهمون هم عادة بها، إن لجهة تشككهم بالديموقراطية الإسرائيلية أو لجهة تأييدهم حق المقاومة ضد الاحتلال فلسطينياً ولبنانياً.
وهاجم عضو لجنة الكنيست النائب محمد بركة، القانون المقترح قائلاً إنه «مهر (يقدمه أولمرت) لـ«إسرائيل بيتنا» ثمناً لدخوله الائتلاف الحكومي»، وخاصة أن ممثل حزب كديما في اللجنة أيد القانون بحماسة نافياً عنه صفة العنصرية. وقال بركة، مخاطباً أعضاء الكنيست المؤيدين للقانون: «إذا كنتم تعتقدون أنكم ستكمّون أفواهنا بإخراجنا من الكنيست، فأنتم مخطئون، نحن نسدي لكم خدمة بجلوسنا هنا».
ورأى عضو الكنيست أحمد الطيبي، أن مشروع القانون «أم القبائح»، فيما قال رئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي عزمي بشارة، إن القانون يستهدف بوضوح نواب التجمع والقوى الوطنية في البرلمان «لأنه طرح في سياق حملة التحريض علينا».
وقال بشارة إن «المشكلة ليست في مقترحي القانون، فهم حزب فاشي من العنصريين» بل في دعم الائتلاف الحاكم له ممثلاً برئيسه أفيغدور يتسحاكي. وأضاف بشارة أن ثمة حملة تحريضية يومية منسقة «تقسم العرب إلى متطرفين ومعتدلين... وهي عملية تدريجية تبدأ بالتحريض ونزع الشرعية السياسية، ليجري الانتقال بعدها إلى سَن القوانين». ورأى بشارة أن «العنصر الفاشي وغير المسبوق في هذا القانون، أن أغلبية برلمانية تستطيع، لأسباب سياسية، إسقاط عضوية من انتخبه الجمهور، ولم تنتخبه هي. هذه حالة إلغاء نتائج انتخابات، وهي أحد عناصر بناء نظام فاشي».
واستنكر عضو الكنيست اليهودي عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة دوف حنين، الاقتراح مذكّراً بأنه «جرى تمرير اقتراح قانون مثله في الثلاثينيات في الرايخستاغ في ألمانيا النازية، حيث أبعد 95 عضواً شيوعياً من البرلمان»، فيما رأت رئيسة كتلة حزب «ميرتس» زهافا غالؤون، أن القانون المقترح عنصري وغير دستوري.
واعترض ممثل الليكود في اللجنة، غدعون ساعر، على القانون من زاوية إجرائية، رافضاً تسريع الخطوات التشريعية فيه، فيما دافعت مقدمة المشروع، طيرطمان، بشدة عن اقتراحها، وزعمت أن القانون غير موجّه إلى العرب خصوصاً، بل هو ضد كل من «يهاجم الدولة»، ورأت أن «من يعارض الاقتراح، يعارض يهودية الدولة».
وفي نهاية النقاش، قررت طيرطمان الاستجابة لطلب رئيسة الكنيست داليا إيتسيك، التي اقترحت سحب طلب تسريع سن القانون، لعدم دستوريته، وأعلنت أنها ستنظر في تقديم الطلب في وقت لاحق.