strong>فتحت نتائج العدوان على لبنان الباب واسعاً أمام المطالبة بضرورة إحداث انقلاب استراتيجي في التصور الإسرائيلي لأولويات الاخطار، وسط استمرار النقاش حول تداعيات الحرب في ظل محاولة كل طرف رمي الكرة في ملعب الآخر.
مهدي السيد

سعت الصحف الإسرائيلية، أمس، إلى استخلاص العبر الاستراتيجية من الحرب على لبنان، وخاصة في ما يتعلق بالتحديات التي يفرضها على إسرائيل البرنامج النووي الإيراني والتحالف الاستراتيجي بين دمشق وطهران.
وتوقف زئيف شيف، في «هآرتس»، عند التناقض الغريب الذي تواجهه إسرائيل على المستوى الاستراتيجي، من خلال اعتبارها أن الجبهة الفلسطينية هي الأساس، بينما يُحدق بها الخطر الإيراني وهو خطر وجودي.
ويرى شيف أن إسرائيل مدعوة إلى إحداث انقلاب استراتيجي، من خلال اعتبار الخطر الوجودي الإيراني الجبهة الأساس والأولى، في مقابل اعتبار الجبهة الفلسطينية، بكل ما يرتبط بها، الجبهة الثانية. وللتأكيد على هذا الأمر، يشير شيف إلى أن "المواجهة العسكرية الأخيرة في لبنان دلت على أن الانشغال الزائد بالجبهة الفلسطينية أدى الى إهمال التهديد من جانب حزب الله".
وإذ يرى شيف أن للانقلاب الاستراتيجي المطلوب دلالات عديدة، على صعيد التفكير الاستراتيجي والتخطيط والأبحاث والميزانية، إلا أنه يلفت إلى ضرورة التركيز قبل كل شيء على إيران وأفعالها في المنطقة، خارج حدودها.
وعليه، فإن الموضوع الأساس، بحسب شيف، هو تطوير القدرة النووية الإيرانية، وبالتالي على إسرائيل أن توضح لواشنطن ما هي "خطوطها الحمراء" في كل ما يتعلق بطهران.
كما أشار شيف إلى أن للانقلاب الاستراتيجي جوانب عسكرية وسياسية، وأن المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل هي إخراج سوريا من المحور الإيراني، مشيراً إلى أنه ليس هناك أي سبيل أفضل لخلق حاجز بين إسرائيل وإيران من السلام مع سوريا.
أضاف شيف إن هدف إسرائيل هو ردع حزب الله، وإنه عليها أن توضح أن هجوماً آخر عليها سيؤدي الى رد فعل شامل شديد على لبنان وبناه التحتية.
وإذ أكد على أن "الحرب في لبنان كشفت نقاط الضعف في الجيش الإسرائيلي"، دعا شيف إلى ضرورة أن يكون الجيش الإسرائيلي قوياً وفق كل تصور استراتيجي.
وتولّى المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليكس فيشمان، تسليط الضوء على الأجواء المحيطة برئيس الأركان دان حالوتس، فأشار إلى أن عدداً من كبار الضباط لجأوا الى المحامين. وقال فيشمان إن خيبة أمل رئيس الأركان بضباطه، فقال إن "حالوتس يعرف أن بعض الضباط الذين يجلسون معه على انفراد يقولون من خلف ظهره أموراً أخرى. هو بالتأكيد يهتم ويعرف بالضبط ماذا يقولون أمامه وما يقولونه من خلف ظهره. إنه بصورة أساسية ضد سياسة ممارسة الضغوط وغض الطرف، ويعتقد بأن عليه أن يعرف كل شيء. ولأنه يعرف أكثر مما يبدو، فهو أيضاً يشعر بخيبة الأمل بجزء من ضباطه. هذه الحرب كشفت أمامه عدداً كبيراً من نقاط الضعف البشرية لدى بعض قادته".
وحول موقف حالوتس من التحقيق بإخفاقات العدوان، ذكر فيشمان أن "حالوتس أخبر مساعديه أن عملية التحقيق الداخلي في الجيش ستهز كل المؤسسة. وأن هذا التحقيق سيهز الجميع بمن فيهم هو نفسه". ونقل فيشمان عن حالوتس قوله "وأنا لست الأخير في هذا الطابور".
وتناول المحلل السياسي في «معاريف»، بن كسبيت، الشق السياسي المتعلق برئيس الحكومة إيهود أولمرت، فأشار إلى أنه "يواصل من موقع القيادة العليا تحت الأرض، الاعتقاد بأن الأمور ستكون على ما يرام، لكنه بالفعل ليس أكثر من بطة عرجاء ومتعبة".
وفي تقديره للوضع العام لأولمرت، قال كسبيت إنه «يمر بحالة صعبة داخل كديما. وزعامته تنهار»، مشيراً إلى أن "هناك من ينصحه، في داخل الغرف المغلقة، بأن يسير في الاتجاه الذي يحل فيه الائتلاف الحاكم الآن، وأن يُعيد تركيبه من جديد على ضوء المستجدات التي برزت خلال هذه الحرب اللبنانية وفي أعقابها، وهناك من ينصحه بأن يبدأ فوراً الدخول في مفاوضات سياسية مع سوريا، وغير ذلك من الاقتراحات الكثيرة التي تنهال عليه من كل حدب وصوب، ولكن أولمرت لا يفعل شيئاً الآن، لا بالنسبة إلى هذه الاقتراحات ولا إلى غيرها مما يفكر فيه هو شخصياً".
وتطرق كسبيت إلى مسألة انتصار حزب الله، وإلى تبادل الاتهامات بين الجيش والمستوى السياسي، فقال إن "الفوز في هذه الحرب لم يكن بصورة واضحة لأي من الطرفين، إلا أن عدم تهاوي حزب الله وانسحاقه أمام الجيش الإسرائيلي، الى جانب عدم إحراز الأهداف التي أُعلنت في إسرائيل، تعدّ بمثابة حالة من الفوز النسبي لحزب الله".