مهدي السيد
حذرت وزارة الخارجية الإسرائيلية من دعاوى جزائية قد ترفع قريباً ضد مسؤولين إسرائيليين في أوروبا على خلفية التصريحات التي أطلقوها خلال العدوان على لبنان والتي حثت على استهداف المدنيين، مشيرة إلى أن هذه الدعاوى قد تتسبب بصدور أوامر اعتقال وتدفع إسرائيل إلى مواجهة معركة قضائية إعلامية جديدة.
ورفعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، عبر مستشارها القانوني إيهود كينان، وثيقة سرية إلى مسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي، حذرتهم فيها من أن «هناك مؤشرات على أننا في بداية معركة قضائية إعلامية غير سهلة، ففي الأشهر الأخيرة تنشط محافل خاصة ومنظمات غير حكومية في أوروبا لجمع وتوثيق معلومات ضد إسرائيليين (لإدانتهم) بجرائم حرب». وأضافت الوثيقة، بحسب صحيفة «معاريف»، أن «هناك أنباء غير واضحة إلى الآن تفيد بأن منظمات دولية في بلجيكا وفرنسا والمغرب تنوي رفع دعاوى أو إعداد ملفات ضد مسؤوليين إسرائيليين رفيعي المستوى، سواء من العسكريين أو السياسيين».
وبحسب الوثيقة، فإن وزارة الخارجية والنيابة العامة الإسرائيليتين تحذران من أن «منظمات حقوق إنسان أجنبية وإسرائيلية وفلسطينية في صدد إعداد ملفات لرفع دعاوى على خلفية مخالفة القانون الدولي المتعلق بجرائم حرب، من شأنها أن تؤدي إلى إصدار أوامر اعتقال خارج إسرائيل ضد مسؤولين رفيعي المستوىوأضافت الوثيقة أنه «بعد ثلاثة أسابيع من انتهاء الحرب في لبنان، فإن العشرات من الضباط، من مستويات مختلفة، إضافة إلى وزراء في الحكومة، قد يجدون أنفسهم خلف القضبان في دول أوروبية إذا ما توجهوا إلى أوروبا». ويرد في الوثيقة تحذير خاص للمسؤولين الإسرائيليين الذين أطلقوا تصريحات تصلح لأن تكون موضوعاً للدعاوى القضائية في أوروبا، منها «تطهير وتنظيف واستنزاف قرى في جنوب لبنان».
وتنقل «معاريف» عن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية ترجيحه أن يكون المقصود من التحذيرات «الوزير إيلي يشاي ويعقوب بن يزري وحاييم رامون». فقد نقل خلال الحرب عن الوزير يشاي قوله: «أعتقد أن طريقة العمل المطلوبة في الحرب ضد الكاتيوشا هي شطب قرى كاملة»، بينما نقل عن رامون قوله إن «قرية بنت جبيل، التي حذرنا سكانها وأُخليت منهم، يجب استنزافها ضرباً من الجو وبالمدفعية قبل دخول القوات البرية».
وقال مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية لـ«معاريف» إن «مدير القسم الدولي في النيابة العامة الإسرائيلية غيل لبرتوف، يترأس فريقاً من الخبراء ويجري منذ نهاية الحرب اتصالات مع مستويات موازية في وزارات العدل في دول أوروبية مختلفة، مثل السويد وبلجيكا وبريطانيا، في محاولة لإيجاد حلول متفق عليها للمشكلة».
ونقلت «معاريف» عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن «إسرائيل على اتصال هادئ مع الأوروبيين لإيجاد حل قانوني مشترك، ففي بريطانيا ودول (أوروبية) أخرى لا يريدون أن يتورطوا في ذلك، إلا أن المشكلة تتعلق بقوانين تتيح تقديم مجرمي الحرب إلى المحاكمة هناك، حتى وإن نفذوا هذه الجرائم في دول أخرى».
يشار إلى أن وزير المواصلات الحالي شاوول موفاز قد اضطر في العام 2002 إلى مغادرة الأراضي البريطانية خشية إصدار القضاء البريطاني مذكرة توقيف بحقه على خلفية دعوى قضائية رفعها نشطاء حقوق إنسان تتعلق بمسؤوليته عن سياسة الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن رئيس الشاباك السابق كرمي غيلون يخشى زيارة الدانمارك بسبب اتهامه لدى المحاكم الدانماركية بأنه خرق المعاهدات الدولية بعد مقتل معتقل فلسطيني تحت التعذيب في منشآت تابعة للشاباك.
ويذكر أيضاً أن دعوى قضائية رفعت في المحاكم البريطانية ضد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس والرئيس الاسبق للأركان موشيه يعلون، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين. وكانت منظمات حقوق إنسان قد لاحقت في بلجيكا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون لدوره الرئيسي في مجزرة صبرا وشاتيلا في العام 1982.