حيفا ــ فراس خطيب
تعرض قائد أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس لـ«هجوم حاد»، شنه مئة من ضباطه، بينهم جنرالات، انتقدوه بشدّة نتيجة «إدارته لحرب لبنان الثانية»، مشددين في شكل خاص على طريقة اتخاذ المستوى العسكري القرارات قبل الحرب وخلالها، إضافة إلى أداء الجيش في المعارك البرية والتأخير في تجنيد الاحتياط والتخبط في إصدار القرارات الميدانية وإلغائها بعد انطلاقها بقليل.
وقال أحد الجنرالات المشاركين، بعد الجلسة، «تحدثنا عن جودة القتال المنخفضة التي عاناها الجيش الإسرائيلي وعن القيم التي فقدناها وعن قادة الألوية ممن تركوا جنودهم وتابعوا سير القتال عن طريق شاشات البلازما». وطالب المجتمعون حالوتس بتحمل المسؤولية كاملة عما جرى قائلين «لا بدَّ من أن يتحمل أحد المسؤولية عن هذا الفشل والاخفاقات».
وألقى حالوتس، في بداية الاجتماع، خطاباً استغرق ساعة وربع الساعة، استعرض خلاله «أسباب الحرب والأجواء التي سادت بدايتها». واستعرض كيفية سير المعارك التي وصفها عن طريق شاشات كبيرة وشرائـح ضوئيـــــة، إلا أن أحد الجنرالات قال له «في هذه الحرب لا حاجة إلى استعمال الأسهم، لم تكن هناك خطوات قتالية من ناحيتنا تقريباً».
وأشار جنرال آخر إلى أن «هناك فرقاً مثل السماء والأرض بين ما وصفه حالوتس خلال الجلسة وبين ما شعر به الجنرالات فعلاً خلال الحرب وما يفكرون به نتيجة الحرب». ووصف أحد الضباط خطاب حالوتس قائلاً «على ما يبدو، فإن قائد الأركان نفسه لم يقدِّر في الايام الأولى من الحرب أنَّ ما يجري كان حرباً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وأنَّ الأهداف التي حدّدت لمراحل الحرب لم تحدد قبل الحرب بل اثناء القتال»، مشيراً إلى أنَّ «التقديرات الأولية أكدت أن المواجهات البرية ستوقع الكثير من الخسائر والإصابات في الجيش لكنّهم قرّروا حرباً برية».
وأجمع الجنرالات الإسرائيليون على أنَّ الحرب على لبنان فشلت ولم تحقق أهدافها، وطالبوا حالوتس بـ«اعادة بناء الجيش وتأهيله لمعارك مقبلة»، مشددين على أن «إسرائيل لم تنتصر ولم تحقق أهدافها وبدلاً من ان تُقوّى قوة الردع وتُعزّز أُلحق الضرر بها».
وأوضح بعض الجنرالات أن «العملية الجوية القوية كان من الممكن ان تكون كافية من دون المواجهات البرية». وأشاروا إلى أن الحرب باتت «مشتتة من دون هدف محدد ودفعتنا نحو حملات أخرى». وانتقد الجنرالات أيضاً بعضهم بعضاً على طريقة إدارة الحرب نتيجة اختفاء «مثال القائد الذي يحتذى به».
وانتقد الجنرال الاسرائيلي يوسي بيلد قول حالوتس «إننا انتصرنا في نقاط»، وأوضح «لا يوجد انتصار في نقاط. إما انتصرنا وإما لا»، مشيراً إلى أنَّ «المهم هو ما يظهر للطرف الثاني وما يظهر للشعب هنا».
وقال ضابط آخر «هذه الحرب لم تبعد الحرب المقبلة مع سوريا. لم يفهم الجنود معنى الحرب من الأوامر»، منتقداً الطاقم العسكري الذي أدار الحرب بقوله «إما أنكم لم تشرحوا للجنود معنى الحرب بالضبط، وإما أنتم أنفسكم لا تعرفون ما معنى الحرب.
فلم نجد حتى الآن تفسيراً لما جرى في الـ 36 ساعة الأخيرة من الحرب. وهذا ينطبق أيضاً على الأسئلة الأخلاقية: إذا وجدتم أن أحد الجنرالات في الميدان كذب أو ما شابه، فعليكم اتخاذ الخطوات اللازمة ضده وعدم انتظار لجنة تحقيق في هذه القضايا».
وانتقد ضابط آخر حالوتس بشكل شخصي وقال له «ما كنت أنت لتبعث طاقم طيارين الى هجوم ما من دون تدريب، فكيف أرسلت ألوية كاملة إلى الحرب في لبنان من دون تدريب».
وانتقد ضابط يدعى شايكي غابيش توجيه التهم إلى المستوى السياسي الإسرائيلي وتحميله المسؤولية عن إخفاقات الحرب. وقال «إن المستوى العسكري الاسرائيلي وجد الحلول دائماً للمستوى السياسي. وقائد الاركان هو المسؤول حتى احراز انتصار عسكري».
وأشار الضابط المتقاعد يوم طوف ساميا إلى أن «وظيفة الجندي الاسرائيلي هي الحفاظ على المواطنين لا العكس»، مشدّداً على أنه «في حروب سابقة لم تكن نسبة القتلى المدنيين في اسرائيل إلى الجنود هي 1 إلى 3.
وهذا يعني أن الدفاع عن مواطني الشمال لم يكن أو لم يتم تحقيقه». ودعا ساميا حالوتس إلى عدم الاستجابة الى الدعوات التي تناديه بالاستقالة قائلاً «لا تستقل في أي حال من الأحوال. أين كان القادة الذين سبقوك إلى المهمة؟ سيرونك تستقيل وسيصفقون فرحاً. سيرونك على المنقل تحترق وسيفرحون نظراً لوجود أحد تطوع وتحمل المسؤولية. عليك ان تقود التغيير الى الأمام لأن وجود حزب الله على الحدود لم يكن من اختراعك».
وكتب أفيعاد كلينبرغ مقالاً في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، انتقد خلاله أداء الجيش الاسرائيلي في لبنان، مشدداً على أنَّ ما جرى في حرب لبنان الثانية لم «يكن هزة أرضية عسكرية بل هزة أرضية سياسية». وأشار إلى أن «الفشل النسبي في ساحة المعركة في لبنان سيمكّن الجيش الاسرائيلي من سيطرة جديدة على الرأي العام في إسرائيل. ولكن تغيير الجنرال «أ» بالجنرال «ب» لن يغير أي شيء».
في المقابل، اعتبر الكاتب باروخ لشم، في مقال في «يديعوت أحرونوت»، أن إيهود أولمرت «يكمل طريق شارون. ولكن ليس شارون الجديد انما شارون القديم. من الفشل في حرب لبنان الاولى حتى الفشل في حرب لبنان الثانية».
وقال لشم لأولمرت «اعترف أمام الجميع بأنك أخطأت وكانت لديك اخفاقات يتفق الجميع عليها».
إلى ذلك، قال وزير الدفاع الاسرائيلي عمير بيرتس، في مراسم ذكرى قتلى قيادة الجبهة الخلفية، «لقد انتهت الحرب التي لم نشهد مثلها في تاريخ الدولة، من جهة حجم استهداف الجبهة الداخلية الاسرائيلية». وأضاف «مرة اخرى ثبتت أهمية قيادة الجبهة الداخلية. بالنسبة إلى أعداء اسرائيل لا يوجد أي تأخير، هم يطلقون النار مباشرة على المراكز السكانية وهدفهم زرع الدمار الكبير».