حيفا ــ «الأخبار»
بعد خمسة أشهر ونيّف على الانتخابات الإسرائيلية وفوز حزب «كديما» الحاكم بالغالبية، يشهد هذا الحزب، الذي أسّسه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، «بوادر انهيار» تعود أسبابه الرئيسية إلى الانخفاض الحاد في تأييد «خطة التجميع» نتيجة أحداث غزة وحرب لبنان الثانية، وخصوصاً أن هذه الخطة كانت في صلب برنامجه السياسي، وفقدانها يعني فقدان أحد أبرز الخطوط العريضة للحزب.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى غياب نشطاء الحزب الميدانيين وعدم تلاؤم خطوطه الرئيسية مع الخطوط العريضة للحكومة، كما يشهد الحزب توترات مستديمة بين قادته تعرقل سيره إلى تحسين واجهته التي أصيبت بشكل حاد نتيجة الأحداث الأخيرة.
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في تقرير أمس، أنَّ مدير عام حزب «كديما» لا يتبادل الحديث مع نائبيه الاثنين إلا من طريق أوراق تتناقل بينهما في مكتب إدارة الحزب، وهو ما يظهر سوء العلاقات هناك. وقال أحد المسؤولين في المكتب: «لا يمكن إدارة حزب عن طريق أوراق صغيرة». وأوضحت مصادر من الحزب أيضاً أن من يخوض غمار «كديما» لن يرى فروعاً له ولا مؤسسات، إضافة إلى تراجعات حادة وملموسة في استطلاعات الرأي في ظل حفاظ عدد من قادته على «خط عودة» إلى حزب الليكود من طريق مواظبتهم على حضور «المناسبات الاجتماعية» لنشطاء في مركز الليكود إذا فكروا مستقبلاً بالعودة إلى «حزبهم الأم».
وقال أحد النشطاء في «كديما» إن «الحزب اليوم من دون أيديولوجية ومن دون خطوط عريضة ولا توجد احتمالات لاستمراره على قيد الحياة».
ووصف ناشط آخر أن وضع «كديما» اليوم «كأنه بعد هزة أرضية»، مشيراً إلى أنه «لا يعرف متى سيتم ترميم هذا الدمار»، ومشككاً بأن يكون «الوقت عاملاً مساعداً لإعادة الحزب إلى ما كان عليه». ويقول ناشط آخر إن «التدهور في الحزب بدا واضحاً بعد اختطاف الجندي جلعاد شاليط»، موضحاً أنه لا يعرف «إلى أين ستصل الأمور في ما بعد، لأنَّ عدد المنتسبين إلى الحزب لا يرتفع، وهناك بين أعضاء الحزب من يلغي قدومه إلى مؤتمر الحزب (المخطط قريباً) بحجة أن الأجواء غير ملائمة للاحتفال».
ورأى نشطاء آخرون أن تعيين مهندس الكمبيوتر، يوحنان بلسنر، مديراً عاماً للحزب كان «تعييناً خاطئاً»، مشيرين إلى أن بلسنر «خريج جامعة هارفرد، وناعم أكثر من اللزوم، ولا يعرف كيف يتأقلم مع أوساخ السياسة». وأشار بعض نشطاء الحزب إلى أن مدير الحزب السابق، افيغدور يتسحاكي، كان قد حذّر أولمرت من تعيين بلسنر، «إلا أن أولمرت لم يصغ له».
وألقى وزراء من حزب «كديما» اللوم على أولمرت، مشيرين إلى أن معاملته مع عدد من وزراء الحزب «غير ملائمة»، وخاصة أن رئيس الحكومة يعتمد في حياته السياسية رأي ثلاثة وزراء مقربين منه وهم: وزير القضاء السابق حاييم رامون ووزير الداخلية روني بار ــ اون ووزير المالية ابراهام هيرشزون.
وقال مسؤول آخر في الحزب إن «أولمرت لا يعتني بالوزراء الآخرين: أنت تبحث عن أولمرت، ومن بعدها يعود إليك مستشاره ويسألك ما المشكلة؟ والوزراء بدأوا يظنون أن هناك مشكلة في الاتصالات».
وقال مسؤولون إن أولمرت يحاول إحباط ظهور سياسيين من الحزب ممن «يشكلون تهديداً على قيادته»، وبدا هذا واضحاً من تعامله مع وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، التي منعها رئيس الحكومة من السفر إلى الأمم المتحدة عند اتخاذ قرار 1701، وبعث مكانها نائبه شمعون بيريز.
وقال عضو كنيست من كديما، للصحيفة نفسها: «أفكر دائماً بالعودة إلى الليكود. وهناك الكثير من أعضاء الكنيست من كديما يفكرون بهذا أيضاً رغم اختلاف وجهات النظر مع مسؤولين في الليكود. ولكن الليكود كان بيتي. توجد مؤسسات وهناك من تتحدث معهم. لو أن (زعيم الليكود بنيامين) نتنياهو ليس هناك، لكنت فعلت كل شيء من أجل العودة إلى بيتي الليكود».
وقال مسؤول آخر في «كديما»: «لم أر في حياتي إدارة سيئة بهذا الشكل. لدينا مشكلة أيديولوجية واضحة. نحن أمام وضعية لا نستطيع تنفيذ جزء، ولو صغيراً مما وعدنا ناخبينا به».
وقال رئيس بلدية الرملة (كديما)، للصحيفة: «إذا طلب مني أولمرت أن أجلب حافلة فيها مؤيدون للحزب إلى المؤتمر فلن أنجح في حصر عدد يملأ حافلة. لا مناص من إقامة فروع ونشطاء ميدانيين».
وحذر مسؤولون في الحزب من أن «هذه الوضعية السيئة التي تسود كديما تقود إلى واقع يملأه الفساد، ويقوم نشطاء من خلاله باستغلال الوضعية ويولد مقاولو أصوات. يجلبون أصواتاً ويطالبون بوظائف. كما كان في الليكود».