strong>عاد الشأن الفلسطيني ليحتل حيزاً مهماً في الحياة العامة الإسرائيلية، بعدما حجبته مؤقتاً مجريات العدوان على لبنان. على أن هذه العودة تأتي على خلفية التطورات التي بدأت تشهدها الحلبة الداخلية في إسرائيل والحلبة الداخلية الفلسطينية.مهدي السيد

استحوذت التطورات على الجبهة الفلسطينية ـــ الإسرائيلية، على اهتمام الصحف الإسرائيلية أمس، ولا سيما في أعقاب الحديث عن قرب تأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وفي ضوء المواقف الأخيرة التي أعلنها كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التي تفيد باستعداد الرجلين لعقد لقاء بينهما من دون شروط.
وركزت صحيفة «هآرتس» بشكل خاص على تطورات الساحة الفلسطينية وموقف إسرائيل من حكومة الوحدة الفلسطينية العتيدة، فأشارت إلى أن" إسرائيل والولايات المتحدة لا تعتبران وثيقة الأسرى والمبادرة السعودية أساساً كافياً يمكن التأسيس عليه لتسوية العلاقات مع الحكومة الفلسطينية".
وأشارت الصيحفة إلى أن هناك خشية " لدى كبار المسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة من انفراط عقد الجبهة الدولية مقابل حماس مع تأليف حكومة وحدة فلسطينية. ويطلب هؤلاء التزام الحكومة الجديدة بالشروط الثلاثة التي حددتها الرباعية الدولية لحكومة حماس وهي: الاعتراف بدولة إسرائيل ورفض الإرهاب وقبول الاتفاقات السابقة. في المقابل، يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل تنويان التمسك بخريطة الطريق، كوثيقة ملزمة لاستمرار المفاوضات".
وتعليقاً على إمكان تأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية، رأى محلل الشؤون الفلسطينية في «هآرتس»، داني روبنشتاين، أن حماس اعترفت بشكل غير مباشر بإسرائيل وتنازلت عن مواقع قوة. وأوضح روبنشتاين أن حماس قدمت بعض التنازلات من أجل تأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية، لكن من غير المؤكد إذا كانت هذه التنازلات كافية لرفع المقاطعة الدولية المفروضة على الحكومة الفلسطينية، وللبدء في مفاوضات سياسية مع إسرائيل.
ويرى روبنشتاين أن «التنازلات التي قدمتها حماس، تتمثل، إضافة إلى الاعتراف غير المباشر بإسرائيل واعترافها بالاتفاقات السابقة وبمبادرة السلام العربية، في أنها تنازلت أيضاً عن موقع قوة مهم لأنه من شبه المؤكد أنه لن يكون لوزراء حماس أغلبية في الحكومة الجديدة».
وبحسب روبنشتاين، فإن حماس «كانت مستعدة لتقديم هذه التنازلات، من ضمنها الموافقة على مواصلة أبو مازن لعملية التفاوض السياسي مع إسرائيل، بسبب الأزمة المالية الصعبة وبروز أدلة أولية على تراجع شعبية حماس في الشارع».
وفي السياق نفسه، أشار آفي يسخروف، في «هآرتس»، إلى أن "إسرائيل تنطلق في معركة كبح سياسية ضد حكومة حماس ـــ فتح، بهدف الضغط عليها للاستجابة الى الشروط الثلاثة للرباعية الدولية، وستحاول إسرائيل الحصول على موافقة الإدارة الأميركية على هذا الموقف".
ويرى يسخروف أن الأمر يتعلق "بنصر للخط السياسي لفتح، حيث انسجمت حماس مع خط البرنامج السياسي لفتح ومطالب ابو مازن: قبول وثيقة الأسرى والمبادرة العربية".
في مجال آخر، انتقد المحلل السياسي في «معاريف»، دان مرغليت، مواقف الحكومة الإسرائيلية الأخيرة ذات الصلة بالشأن الفلسطيني. وتساءل "ماذا يحدث هنا؟ فالحكومة تتصرف كما لو أنها مفلسة وعاجزة".
وقال مرغليت، منتقداً مواقف الحكومة الإسرائيلية الأخيرة من أبو مازن، باعتبار أن "إيهود أولمرت تهرب قبل الحرب من لقاء أبو مازن، لأن رئيس السلطة الفلسطينية لم يحارب الإرهاب الفلسطيني وحكومة حماس، وبقي عارياً مجرداً في الساحة الدولية. فلماذا يتحدث اليه بعدما فقد السيطرة على شعبه ومنظمته؟. هل هو الآن، بعدما أعلن أولمرت أننا انتصرنا في الحرب، وهنت عزيمته وترك شروطه وتحفظاته".
أضاف مرغليت إنه "حتى بدء الحرب، في 12 تموز، اعتقد أولمرت أن لا شيء حقيقياً في خريطة الطريق. لهذا توجه الى إجراء من جانب واحد، الى الانطواء. يتبين الآن أن ليس هناك انطواء. فهل يجعل هذا خريطة الطريق بديلاً مناسباً؟ وهو سبق أن أعلن أنه لن يُجري تفاوضاً على إطلاق جلعاد شاليط. فإذا به يُعلن الآن أنه مستعد للقاء أبو مازن ـــ الذي لا ينجح في الحصول على شاليط من أيدي مختطفيه ـــ مقابل لا شيء. من غير شاليط. ومن غير صورته. ومن غير صوته، ومن غير أن يُنقل الى مصر".
ويرى مرغليت أن الدافع وراء سلوك الحكومة الإسرائيلية هو البحث عن "جدول أعمال وهمي. ذلك أن أولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس ووزراء آخرين لا يشغلون أنفسهم بصياغة سياسة حقيقية، بل بخياطة ثوب بلا نسيج لحكومة عارية".