قطعت استقالة قائد المنطقة الشمالية، اللواء أودي أدم، الشك باليقين، في كل ما يتعلق بفشل العدوان الإسرائيلي على لبنان، وفتحت الباب أمام تدحرج كرة الثلج التي يأمل كثيرون أن تكبر لتصل إلى رأس الهرم العسكري.مهدي السيد

اختلف معلّقو الصحف الإسرائيلية في اختيار الأوصاف والتسميات والتعبيرات المناسبة لوصف استقالة قائد المنطقة الشمالية، الجنرال أودي أدم، لكنهم اتفقوا على خطورة تداعياتها وأهمية حصولها، وهو ما ظهر من خلال بعض العناوين حيث رأى أحدهم أنها أشبه بتسونامي، ووصفها آخر بأنها بداية لحرب الجنرالات، ورأى ثالث أنها هزة أرضية في الجيش الإسرائيلي، وقال رابع إنها ككرة الثلج، وتطول قائمة التوصيفات.
وفي هذا المجال، قال أمير أورن، في «هآرتس»: قريباً سيظهر ما إذا كانت استقالة أدم عبارة عن كرة ثلج ستجرّ معها من هم أعلى منه، أم مجرد إطلاق نار في القدم ستضيع في ضجة التحقيقات غير الجيدة بالنسبة للضابط المستقيل. ورأى أورن أن الاستقالة تهدف إلى الانتقام من رئيس الأركان دان حالوتس وإيلامه بسبب إهانته له، عندما أزاحه عن مهامه خلال الحرب. ويعتقد أورن أن الهدف الحقيقي الذي يصبو اليه أدم قد تحقق، لأنه نجح في توجيه ضربة إلى حالوتس، وأرغمه على تبرير السبب الذي يمنعه من أن يحذو حذوه.
بدوره، رأى زئيف شيف، في «هآرتس»، أن استقالة أدم تشير إلى حصول انهيار في قيادة الجيش الإسرائيلي وفي قيادة المنطقة الشمالية، مشيراً إلى «أنها استقالة بسبب الإهانة، وهي موقف ضد محاولة تحميله مسؤولية لا علاقة له بها. ومغزى ذلك هو أن حرب الجنرالات بدأت في الجيش الإسرائيلي». وبحسب شيف «ستندلع حرب جنرالات. وستوجّه كثير من سهام هذه الحرب بشكل مؤكد إلى رئيس الأركان دان حالوتسوفيما وصف فليكس فريش، في «معاريف»، تأثير استقالة أدم على الجيش الإسرائيلي بأنه أشبه بهزة أرضية، رأى مراسل الشؤون العسكرية في «معاريف»، عمير ربابورت أنها «تسونامي في طريقها الى حالوتس». وقال ربابورت إن «التسونامي الذي أحدثته الحرب في لبنان سيصل إلى شواطئ الجيش الاسرائيلي. فلن يكون أودي أدم آخر من سيدفع ثمناً شخصياً باهظاً عن إخفاقات الحرب. ذلك لأن جميع العلامات تشير الى أن دان حالوتس يوشك أن يغرق في الطوفان».
ويضيف ربابورت أنه «في واقع الأمر، حالوتس آخذ في فقدان السيطرة على الجيش الاسرائيلي. والمشكلة الأخطر هي حقيقة أنه لا ينجح في إعادة بناء ثقة القادة من جميع المستويات بالجهاز العسكري عامة، وبه أيضا خاصة».
وتابع ربابورت أنه «حتى هذا الأسبوع، أصاب الشلل الجيش الإسرائيلي. لم يكن حالوتس يستطيع إقالة أدم، أو أي ضابط آخر. من جهة ثانية، لا يستطيع رئيس الحكومة ووزير الدفاع أيضاً اتخاذ أي خطوات نحو حالوتس نفسه أو مسؤولين رفيعي المستوى آخرين من المستوى العسكري من غير أن تتفشى النار التي أشعلها نحوهما فوراً».
ويضيف ربابورت أنه «بدل استنتاج نتائج حقيقية والبدء بالاستعداد للحرب المقبلة، أصبح الجيش الإسرائيلي جيشاً مطفأً صدمته المعركة. يخصص قادة كبار زمناً طويلاً لجمع مادة من أيام الحرب وإعداد ملفات سيدافعون بها عن أنفسهم أمام كل لجنة تحقيق ممكنة. فالريح السيئة التي تهب على الجيش الاسرائيلي زرعت الريبة في كل مكان. فحالوتس لا يستطيع اتخاذ إجراءات ضد ضباط في جميع المستويات، ممن يوجهون التقريع الشديد اليه. إنه ضعيف جداً في هذه اللحظة. وكل ذلك قبل أن يفتح الجنرالات الذين امتلأت بطونهم عليه، ومن بينهم أدم نفسه، أفواههم، على نحو علني (أو أمام لجنة تحقيق)، ليبدأوا في قول ما في قلوبهم عنه».
وبحسب ربابورت فإن «استقالة أدم هي التي بشرت بوصول موجة تسونامي حقيقية الى الشاطئ. كان واضحاً قبل الاستقالة أن أول من يخلص إلى استنتاجات شخصية سيحظى بفيض من المدائح الإعلامية عن «الشجاعة» و«المثال الشخصي». في الحقيقة، تمتع أدام بهذا الفضل، لكن في الأمد البعيد لن تشفي هذه الإطراءات الشعور بالفشل والمهانة اللاذعة. ولن يُغير هذا أيضاً حقيقة أن له نصيباً في الفشل، حتى لو كان نصيب حالوتس أكبر».
وختم ربابورت تعليقه بالقول «على أية حال، إذا تجاوزنا قضية مستقبل رئيس الأركان الشخصي، الشيء المصيري في هذه المرحلة هو استغلال التسونامي لتنبيه الجيش الاسرائيلي من الصدمة، وادخال بريق جديد في عيون رجاله وإنشاء جو عملي بدل البكاء المخجل».