يحيى دبوق
تتضح، يوماً بعد يوم، الأخطاء والإخفاقات التي منيت بها إسرائيل خلال عدوانها على لبنان، وكان آخرها ما نشرته صحيفة «معاريف» امس عن اهداف الإنزال الجوي الذي استهدف مستشفى الحكمة بالقرب من مدينة بعلبك، والذي جرى تسويقه على انه إنجاز كبير حققه جيش الاحتلال خلال العدوان.
وكشف المراسل العسكري لـ «معاريف» أن «العملية التي كان ينبغي لها أن تغير وجه الحرب، كما قال وزير الدفاع عمير بيرتس لدى مصادقته عليها، لم تكن سوى عملية استعراضية».
وبحسب الصحيفة، فإن «عملية بعلبك التي نفذتها وحدة سييرت متكال التابعة لهيئة الاركان بالاشتراك مع وحدة شلداغ التابعة لسلاح الجو، سبقتها معلومات اشارت إلى أن اهداف العملية لم يكونوا في الموقع، الا أنها لم تلغَ وتحولت الى عملية استعراضية اخفيت بالطبع عن الجمهور».
وتنقل الصحيفة عن مصادر عسكرية «وجود انتقاد لاذع في المؤسسة الأمنية على خلفية تعريض حياة مئتي جندي للخطر لأهداف دعائية»، وتشدّد على أن «المصادقة على العملية، رغم المعلومة المسبقة بأنها لن تؤدي إلى نتائج، ينبغي أن تكون موضوعاً للدرس من لجنة تحقيق». وتذكّر الصحيفة بالدعاية التي اطلقها الجيش بعد العملية التي لا تزال إلى الآن تلقى ردود فعل شاجبة لدى اوساط في الجيش: «ففي تلك المرحلة من الحرب، كانوا في الجيش وفي القيادة السياسية يرغبون كثيراً في تحقيق إنجاز يغير الشعور العام بأن الجيش يجد صعوبة في تحقيق نجاح ذي مغزى حيال حزب الله».
وتشدّد الصحيفة على أن ما جرى توقعه تحقق بالفعل، «فالعملية التي كان مخططاً لها أن تجلب معلومات استخبارية تتعلق بمصير الجنديين المخطوفين إلداد ريغف وأودي غولدفاسر، لم تسفر عن معلومات أو إنجاز ذي مغزى، ورغم ذلك عمل الجيش على تسويق العملية كأنها قصة نجاح، وأكثر مسؤولون رفيعو المستوى في الجيش من اللقاءات الصحافية المتعلقة بالعملية».
وتقول محافل داخل الجيش الإسرائيلي مدافعة عن الجنود: «اداء سييرت متكال وشلداغ كان لامعاً، وإن للعملية اثراً ما في الوعي (لدى الطرف الآخر)». لكن اصوات أخرى في المؤسسة الأمنية ترى، بحسب الصحيفة، «ان الإنجاز في الوعي لم يكن متناسباً مع المخاطرة الكبيرة التي اقدمنا عليها، وعلى وزير الدفاع وقيادة الجيش أن يفسرا عدم إلغاء العملية بعدما اتضح لهم أنها لن تحقق انجازات تنفيذية أو استخبارية».
يشار إلى أن المسؤولين العسكريين روّجوا في صبيحة اليوم التالي لعملية الانزال، لرواية مفبركة عن نجاحات لا نظير لها، وكان التشديد على ان الانزال قد حقق اهدافه المرسومة له، ومن بينها جلب مواد استخبارية هامة، وأسر عناصر قيادية من حزب الله، علماً أن جل ما جرى استعراضه في الشريط المصور الذي بث لاحقاً، اظهر بندقية كلاشينكوف، وجهاز كمبيوتر تابعاً لإدارة المستشفى، وملفات تابعة للمرضى الذين كانوا قد اخلوا المستشفى مع طاقم الإدارة والاطباء والممرضين في بداية الحرب.